فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

شباب ذوو مواهب فذة. أصوات صالحة للغناء... غير أن هذه الخامات بحاجة لأمرين اثنين: الأول: الكلمات، وهي المكمل الذي يشكل البنية الأساسية للأغنية. فلا بد أن تكون لغة الأغنية على قدر من الجمال والجاذبية. وأذكر القارئ الكريم بصنيعي الأحمق والمستغبي، فلبيت دعوة صديقي العزيز بزواج ولده، وقد استفزني هذا المغني أو قل هذ "المعزي" بمكسة (صاية وجنبية قاض يتدرب على القضاء، أو هو قاض يسير على طريق القضاء في بلادنا). أما عوده فعلى شاكلة الطنبور، أو هو في نصفه الأعلى طنبور وفي نصفه الأسفل قرع، ذلك القرع الذي يسميه أهلنا في تعز "الدُّبية" التي تربط على ظهر الطفل أثناء تعليمه السباحة. ولما بدأ يغني أو على الأصح يعزي نهضت نهضة الذي يأخذ بثأره من سفيه غشوم! بدأ يغني: "مسكين يا ناس من قالوا حبيبه عروس"، فوصلت إلى أذنيه وقلت له: لو سمحت غيّر هذه الأغنية الجنائزية، فالوقت لم يعد يسمح بذكر الكفن والقبر والدود! وتوقفت لأعود أدراج المقيل، وما كدت أجلس حتى بدأ يدعو على نفسه بأغنية من ضمن أبياتها مفردة "لي مكسر"! ولما استأنف أغنية أخرى فزعت إلى المخرج، لأن سطراً أو على الصحيح عبارة فيها يقول: "الحب يشتي خنزرة"! خفت أن أسمع ما أكره فغادرت القاعة غير آسف.
حتى الآن لم أحظ بسماع صوت له شخصيته المستقلة التي تميزه عن آخرين. وبالمناسبة يلجأ المطربون الجدد لتكرار ما ورثته الأذن من سابقين. ولأن حياة المغنيين أصبحت لا تطاق فقد لاذ شباب جدد بتراث آبائهم، مثال أسامة بن المرحوم علي بن علي الآنسي، وعبدالرحمن الأخفش، وحمود بن علي عبدالله السمة، والمرحوم علوي فيصل علوي... ولا أعرف إن كانت جميلة سعد أيضاً ابنة واحد من الثلاثي الكوكباني، أعني الفنان سعد الكوكباني، التي لها جمهور يعشق الحركة، حركتها "المطيرفة"، أكثر مما يحتكم لأذنه، إلا أنها حركة غاية في الإمتاع والمؤانسة، وهي حركة رويدا عدنان وأخريات... أحياناً أذكر بعض العوائق مثل عدم وجود شعر غنائي يصلح للغناء، وعائق آخر وهو النص اللحني، فكثير من المطربين الشباب يغامرون بتلحين نصوص يلعن بعضها بعضاً! ولا حرج في أن يغامر هذا أو ذاك باتجاه التلفزيون، فيسهم التلفزيون في قتل المستمع الذي يكفيه ما فيه. وملاحظة أخيرة وهي أن نجاح أغنيات رائعة استمدت جمالها من تعاون الشاعر مع الفنان: أيوب مع الفضول، أبو بكر سالم مع المحضار... إلخ.

أترك تعليقاً

التعليقات