فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في الريف اليمني، وهو ريف متشابه المعيشة، كان الناس لا يستوردون من المدينة غير الملح، وفي وقت متأخر زيت المصابيح، إذ كان الريف مكتفياً بنبات «الترتر»، الذي يصنع منه ضوء السرج ومشاعل المسافرين.
كان الغذاء وفيراً. وأذكر أنه كان لكل ثلاثة أفراد أو يزيدون مدفناً للحبوب، الشعير والبر والذرة بأنواعها البيضاء والحمراء، والدُّخْن والعَدَس والعَتَر... ونشأت عن هذا الاقتصاد الذاتي قيمة اجتماعية؛ إذ ترفض الأسرة تزويج الشاب غير «الرعوي»، أي الذي لا يملك أرضاً زراعية، وكان الشباب أو أولياء الشباب لا يرتاحون للفتاة التي تطلع عليها الشمس وهي نائمة!
وبسبب أن الحكم الظالم كان يقتات على الجباية، زكاة وضرائب و... و... تخلى كثير من الرعية والمزارعين عن أرضهم، هرباً من الجبايات، فغادروا إلى أفريقيا راكبين البحر، ضاربين أرضاً هي الغربة الكئيبة، ويصبح اليمني فيها «غريب الوجه واليد واللسان»، بحسب أبي الطيب.
والشعب الغبي هو الذي لا يفزع إلا وقد وقع الفأس بالرأس، وأغلق بحر أوكرانيا والساحل التركي! لتعلن الأمم المتحدة أن الكائنات الحية معرضة للجوع بفعل الحرب الروسية- الأوكرانية، وبفعل الجفاف... إلخ.
لا بد إذن من «مناقذ» (جمع منقذ) من الموت جوعاً، وهي أن نعود إلى «الرعوية»، شرط أن يعفى الرعية من الجبايات والضرائب، عدا الزكاة؛ «وآتوا حقه يوم حصاده»، وشرط أن توجد الدولة محاريث زراعية وإروائية وبنك تسليف للمزارعين وثلاجات تحفظ الغذاء، ثم -وهذا هو الأهم- صميل «مقرّش» -كما يقول أهل تعز- لإيقاظ الظهور الثخينة الكسلى. والله من وراء هذه السطور!

أترك تعليقاً

التعليقات