فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في نهاية القرن 19 ووسطه، نهضت خيمة عربية إسلامية تدعو إلى البحث عن إجابة ضرورية على سؤال خطير: لمَ تخلف العرب والمسلمون عن ركب الحضارة؟ فبينما صنع الأوروبيون السيارة والطائرة والقطار والصاروخ، بقي المسلمون والعرب غارقين في محيطات الأمية والجهل والقبلية مسنودة بالثأر وظلم المرأة واغتصاب حقوقها، وحقها في الإرث الشرعي، وحقها في اختيار شريكها، وحقها في عيش كريم، بعيدة عن الدونية والاحتقار والذل والاضطهاد. وكل ما مرَّ زمن يتضاعف شكل الإجابة على السؤال: فيم تخلَّف المسلمين؟!
ورغم تباين الإجابات، فإن معطاها العام وفكرته الرئيسية تتمثل في أن الجبهة منفكة، كما مصطلح "المناطقية". والمسألة تحتاج -ونحن نطمح في إجابة شافية- إلى قراءات سياقات عديدة، اجتماعية وفلسفية ونفسية... وقد حاول كثير من علماء المجتمع الإجابة على السؤال، وهو سؤال مهم وخطير لا شك، يمكننا أن نلخص الإجابة عليه في اتجاهين: الأول: اتجاه يرى أن الدين يتحمل مسؤولية ما حاق بالأمة من تخلّف، فالدين عند أهل هذا الفريق قيد ثقيل يحول دون التفكير ويضع ما هو تقدمي في إطار "تابوهات" لا يجوز مجرد الاقتراب منها، ودليل ذلك ما حل بكثير من المفكرين من عباقرة الأمة ومصلحيها في مرمى العنث والتنكيل، والأمثلة كثيرة.
أما الاتجاه الثاني فهو يرد ما حصل للأمة من هوان وتخلّف إلى اطراح العقيدة والشريعة جانباً، إذ انصرفت هذه الأمة عن دينها إلى تغليب الحياة الدنيا ولهوها وزخرفها، فاقترف القوم المناكر والمناهي، فسلط الله عليهم الكفار وقيادة المسلمين معاً يسومونهم سوء العذاب، وأكبر عذاب هو تجهيل الشعوب من قبل حكامهم الذين يخطط لهم النصارى واليهود وغيرهم من الكفار طرق حياتهم وتفكيرهم، فضلوا وأضلوا.
ولا غرو فإن كلا الاتجاهين ربما يحمل من ضلال على جانب في بعض معطياتهما شيئاً من حقيقة، فاطراح الدين بالكلية من موجبات التخلّف، وكذلك الانصراف عن الدنيا بما فيها من حوافز البحث واكتشاف ما ينفع الناس، فهو كذلك من موجبات التخلف. وبحياد إيجابي وعدم انحياز، ما دام الحكام الجهلة بمقاليد الأمور كلها فلا جواب!!

أترك تعليقاً

التعليقات