فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
أي طراز من الحكام يريده الشعب الإسلامي، والشعب اليمني أحد هذه الشعوب؟!
لقد ظل رعايا شعوب الأمتين العربية والإسلامية يبحثون عن إمام أو رئيس أو ملك أو شيخ عادل ولو بالنسبة الدنيا، فمن أيام الحكم العضوض، الذي عض الأمة متجاوزاً عضة الكَلَب (بفتح الكاف واللام)، لم تجد هذه الشعوب ولي الأمر الذي تتوافر فيه صفات العدل والورع والزهد والحكمة. وكان المعول على خلافة نبوية إسلامية نادى بها الأتراك، الذين رشحتهم حادثة «عمورية» زمان المعتصم الذي جلب على الروم خيله ورجله ليثأر لشرف امرأة عربية صرخت: وا معتصماه!! فما لبث أخوال وأصهار المعتصم أن عاثوا في الأرض الفساد وحكموا العالم العربي من بداية الأرض في مشرق الخليج حتى منتهى أفريقيا، حكماً جائراً ببضاعة مزجاة من الرشوة والجباية تنعم على شيوخ القبائل بالألقاب ليكونوا مجرد محصلي ضرائب ومكوس تسيل على أبواب الخلفاء من عرق الشعوب وعرق أطفالهم وجماجم بؤسائهم! وإذا بالوطن العربي ينتفض ويطيح بالخلافة الفاسدة ليستبدل بها وطنيين ساطوا ظهور الشعوب بالقهر والإذلال وأسلاك الكهرباء، ثم ماذا؟ حاولت هذه الشعوب أن تنتفض على أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، فكان الثمن مشانق وأقبية سجون تحت الأرض وكلاباً تنهش الأجساد ووحوشاً آدمية تنتهك الأعراض وشهوات زعماء معتوهين ناهبي خيرات وسارقي ثروات يطمع كل آمر منهم أن يبني سلماً يبلغ به عنان السماء من المال المدنس الحرام. ولم ينسَ هؤلاء الطغاة أن يتزودوا بالجهل وعدد من ألقاب «العصمة» التي اتخذوها تعاويذ تحول دونهم بين شعوبهم وبين أن تنقلب إلى أمة ثائرة، فكان صاحب الجلالة وأمير المؤمنين وخادم الحرمين الشريفين وخليفة الله في الأرض...
لا تريد أمتنا شخوصاً فوق العادة من عالم الأساطير، ولا تشترط عليه أن يكون ذا قوة خارقة كعوج بن عنق الذي يصطاد السمكة من قاع البحر ويشويها في عين الشمس، بل نريده أن يكون بشراً سوياً يأكل ويشرب كما نأكل ونشرب وينام كما ننام، يجيد القراءة والكتابة ويطبق القانون ويحترم المواضعات الاجتماعية السليمة، سليم الحواس فيه «مسكة» من عقل وشيء من ضمير، بل نذهب أبعد من ذلك، فإذا نهب أو سرق فلينهب وليسرق بنظام؛ كما صرح بذلك «تركي صنعاء»، الذي نهب قبائل محيط بيته أمامه بشكل همجي فقال لهم وقلبه يتقطع من الغوغائية والعبث: «انهبوا بنظام»! كما يحسن أن يكون الحاكم صاحب «عداد» يضبط دقاته مجلس النواب أو مجلس أمة، لينتهي متى ما قال مجلس النواب أو مجلس الأمة انتهى الوقت يا... فيحترم القرار ويتخلى عن الحكم بهدوء، دون التفكير بتنفيذ انقلاب لصالحه أو لصالح ولي عهده. كما يحسن أن يكون مقطوع الذرية، أو على الأقل أن يكون له بنات، وليس رسولاً ذكراً يأتي من بعده اسمه «أحمد». ويستحب ألا يكون له من الأعوان «بركاني» ولا سمو ولي العهد ولا «بورجي» ولا «حظاء» يوقع له ما يدخل في جيبه ولا يخرج من أموال شعبه الذي يأكل من الزبالات!
نريد حاكماً نستطيع أن نقول في عهده: «سيادة الحاكم، اتقِ الله تعالى واحترم نفسك ويكفي فساداً في عهدك غير الميمون»، دون أن ندخل السجن و»نطزطز» بالكهرباء ونقلع من الوظيفة التي وفرها أمير المؤمنين بعد دوخة سنوات من الجري والمشاوير!
نريد حاكماً يشبه المسلم، وليس بالضبط مسلماً، بدون تشبيه يعني، وليس طبق الأصل!
تعبنا وهرمنا من عبث أمراء المؤمنين وخلفاء المسلمين غير الحنفاء، «فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات أحلت لهم». والله من وراء النية.

أترك تعليقاً

التعليقات