فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
كثيرا ما تسجل الأمثال الشعبية بل وتصاغ صوغاً بذيئاً فاقعاً كثير الفحش و»البذاءة». وسبب وجه العلاقة في إنجاز التوصيل اللغوي أن هذه الأمثال عبارة عن تراكم للعديد من الحكم والخبرات الحياتية المشاهدة يوماً، وعلى مدار السنين، تقال في عبارة قصيرة وتلقائية كاسرة «التابو» اللغوي، وغير قابلة للمداراة والمداورة.
وليس غريباً أن يكون لكل إقليم من أقاليم البلد الواحد أمثلته الخاصة، النابعة من عاداته الخاصة بحسب معطياته البيئية الخاصة، وبحسب لهجته الخاصة. وأضرب مثلاً لهذه اللهجة الخاصة مقروناً بدلالتها المرتبطة بالعادات والتقاليد، ففي غالبية منطقة «تهامة» يشرك الناس بالأولياء والصالحين، وفي انعدام الأدوية والعلاج والثقافة الطبية الصالحة يلجأ الأميون (وهذا متبع في حياة الأمم والشعوب) إلى عالم الغيب. يقول الشاعر الكبير علي عبدالرحمن جحاف (الذي لم يهتم به أحد من الجن والإنس) مخاطباً الجماعة، ينشد الرحمة بل النجدة: «كن شي نحاكم ولي، يزهد يوطي تمايم، يفتح لقلبي امكتاب؟!».
وشرح هذا المثل: يا ناس هل تعرفون عبداً صالحاً ولياً يستطيع أن يعطيني «رقية» أو «عزيمة» تعالج مرضي، أو قادر أن يفتح لي الكتاب، ليعلم سبب مرضي وتعب قلبي؟!
لقد كانت هذه الرقية أو التميمة أو العزيمة تكاد تكون الطريقة الوحيدة للعلاج، ليس في اليمن وحده، ولكن في مختلف الدول العربية والإسلامية، بل قبل الإسلام، هي الطريقة الوحيدة للاستشفاء من الأمراض، ومن مرض الحب بخاصة.
ومن الطريف أن هذا الأسلوب قد اتخذ -في القرن العشرين وصاحبه القرن الواحد والعشرين- وسائل حديثة؛ إذ إن بعض القنوات الإعلامية، مرئية ومسموعة ومقروءة، قد أفسحت له مساحات صفحاتها لتوكيد فكرة المس الشيطاني أو العلاج النفسي، بعد أن عجز غير قليل من الأطباء! وقد يكون أمراً صعباً، بل وصادماً، إن قلنا عبارة تكمل المعنى، وهي أن أطباء يشترون شهادات الطبابة، فيلجأ المريض إلى الخرافة للتدليس على عقول البسطاء!
ومن الطريف أن بعض زعماء الطبقة الأولى يلوذون بهذه الخرافات و»التمائم» ونظر الطالع والنجوم، حتى يلجأ بعض الناس إلى تغيير أسماء زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم وفق نجوم مسماة من قبل مشعوذين وكهنة يترزقون بالخرافات، ولهذا سارت عبارة: «سير افتح لك كتاب» مثلاً على إنسان فقد عقله ويشعر آخر من أعدائه بأنه ضل الطريق؛ تهكماً وسخرية!

أترك تعليقاً

التعليقات