تائبون!
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
إن الله يتقبل التوبة عن عباده، سُنّة مقضية وآية أكيدة. ولا يستطيع أحد أن يرصد مشاعر الأمومة وهي تقف مشاهدة وليدها عائداً إلى أحضانها ولو بعد غياب قصير الأجل.
وفي الحديث أن الله أفرح بتوبة عبده من الواجد الضّال. كدت أرسلها دموعاً حرّاء تنبثق غزاراً وأنا أشاهد جموعاً من العائدين إلى حضن الوطن الرؤوم بعد طول عقوق، ولا أكاد أستوعب المشهد الذي يفيض عاطفة جياشة ملأى بالجوى والوجدان الصادح الصارخ، تعزف لملاقاة الأم الحنون زغاريد الفرحة الكبرى! كيف لا وسعادة اللقاء تعبر عنها اعترافات من القلب بعقوق أمّ لم يصدر عنها إلّا الرحمة والحنان، وقد حملت بوليدها تسعة أشهر كرهاً وحمله وفصاله أياماً من التعب والإعياء، وهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟! وما أتعس الحياة حين يقابل الإحسان بالنكران ويغمط الحق بالباطل.
جرّبَ الولد غربة سوداء يعذب نفسه بالصراع الطويل مع ضمير يحارب خيانة غرور كلها إفك وزور، فلا يكاد هذا الضمير يفيق إلّا على موجدة ترف باليأس وحزن يمزقه اليأس الخفّاق أسى وحسرة.
ما أروعها لحظة والوطن بحنان ودود يُحضر عاقاً قد رجع عن عقوقه تائباً مستغفراً يذرف دموع الندم معاهداً وطنه ألا يرتمي في غربة مقيتة، ولا يبيع نفسه لإبليس الخيانة والثمن البخس والضلال القريب والبعيد. فمرحباً وأهلاً وسهلاً بالتوبة الظاهرة والنية الطاهرة، فالوطن مأواكم تملأ جوانحه أنفاسكم اللاهثة حباً وإخلاصاً لتتراص صفوفكم للإعمار والبناء ولتسودكم رحمة وإخاء.
وإن كان من شكر فللعزي محمد البخيتي، محافظ ذمار، الذي كان له دور بارز في لقاء الأحضان، أحضان طفل ضال وأم واجدة. وعاش الوطن حراً مستقلاً.

أترك تعليقاً

التعليقات