فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في هذا الشهر الكريم -للأسف- يعود كثير من المسلمين الصائمين لقراءة القرآن الكريم. ونقول «للأسف» لأن المسلم الصالح هو الذي يداوم على قراءة القرآن بشكل مستمر، ويتنافس المسلمون فيما بينهم على قراءة أكثر من مصحف، بمعنى أنه يختم المصحف أكثر من مرة تبركاً وتحصيلاً للأجر، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا أقول ألم حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف».
ولكن من المفيد أن نذكر أنه ليس مهماً أن يختم المصحف أكثر من مرة، بل المطلوب هو التدبّر والتفكّر، فكثير من المسلمين بحكم جهالتهم لا يستطيعون فهم كثير من المعجم القرآني على مستوى الإفراد والتركيب، ثم فهم المعاني على مستوى الخاص والعام ومستوى المتشابه والمعروف أو المؤول والواضح... وجمع السلف الصالح بين الحسنيين، وهو مصحف يحقق تحصيل الأجر بعدد الحروف، ومصحف يحقق المعاني وما مراد هذه الآية هل هو توحيد أو تشريع أو آداب وعلاقات اجتماعية... فلا يغادر شهر رمضان إلّا وقد فهم المسلم تشريع القرآن من ناحية، وتحصل على معجم قرآني يقوّم لسانه ويجعله على صلة باللغة العربية التي تربطه بأمته وأصول ثقافة عربية موحدة.
وبالمناسبة، أحاول أن أشير إلى نوعين من تفاسير القرآن الكريم: النوع الأول: ما يركز على المفردة اللغوية، كتفسير مفردات القرآن للشيخ حسين بن محمد مخلوف، ليتعرف المسلم على معاني الكلمات مثل: «الصاخة»، «أترابا»، «يجتبى»، «على شاكلته»، «وإليه مئاب» ...الخ، ومثل تفسير الشيخ مخلوف تفسير العلامة «السَّعدي» أو الإمام «البيضاوي» أو «الجلالين» (جلال الدين السيوطي وجلال الدين المحلي)، وهناك تفسير شامل، كتفسير العلامة بن كثير وتلخيصه للإمام محمد بن علي الصابوني، وهي تفاسير للمبتدئين من طلاب العلم الشريف.
أما التفاسير الأكثر بسطاً وشمولاً، فأبرزها تفسير «الجامع لأحكام القرآن» للإمام القرطبي الأندلسي، فهو يقف على معنى الآية، من حيث دلالتها اللغوية، ثم يقف على تقلباتها الفقهية ومسائلها، فهو يأتي على الآية فيقول وفي هذه الآية عشرون مسألة... الخ.
مما كتبنا نتبيّن الآتي: أن ما يذكر من أسرار العبادات يرجع إلى الاستنباط والاجتهاد الشخصي إلا ما عيَّنه الشارع. ومما فهمه بعض العارفين أن من أسرار الصيام في رمضان وغير رمضان أن يعرف المسلم أن الله هو المشرِّع، فعلى المكلف أن يطيعه مطلقاً في «افعل ولا تفعل»، ولا عليه أن يقدّر الأسباب أو يفسر العبادات كالعادات. والله ولي التوفيق.

أترك تعليقاً

التعليقات