موسم الفردوس
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
ربح البيع من أنفق مالاً في سبيل الله، في أيام استحكم فيها الفقر المكلل بصواريخ الأشقاء وتواطؤ الأعداء.
والمال في مفهوم الإنسان المسلم إيثار لحاجة المسلمين، وتقديم حاجاتهم على حاجات الأثرياء في العادة. وفي مفهوم الإسلام أن المال مال الله، والإنسان مستخلف فيه؛ يقول الله في محكم كتابه العزيز: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ...} (الحديد).
والزكاة الركن الرابع من أركان الإسلام، شرط من شروط الإسلام، إن منعها المسلم يعتبر كافراً، بإجماع المسلمين، وإن تراخى في أدائها فهي كبرى الكبائر.
في هذا الأيام يبشر الله المسلم بأنه من أهله، وأن الفردوس مفتوحة على مصراعيها، إن هو تصدّق على فقير وآتى ماله لمحروم، ومنح جائعاً، وأسعف مريضاً، وكفل يتيماً... والمال مال الجميع بشروط إنفاقه، فهناك نصاب للمال عيناً ونصاب للزروع والثمار ونصاب للحيوان... الخ.
في كثير من الحالات يكثر المسلم الصالح من كفالة جيرانه من الجوعى، فيطعمهم الطعام. وكم هي حسنات وفيرات لمن يشعر بواجبه الديني والأخلاقي والوطني تجاه إخوانه.
الحق أننا لن نستطيع تحديد المعطيات الكثر التي كانت سبباً مباشراً تجاه صمود اليمن أمام دمار عدواني استهدف الشعب اليمني العربي المسلم، واستهدف بالدرجة الأولى قيم الجوار والأعراف والتقاليد الأصيلة بما فيها تقاليد الإنسانية، فلم يكتف هذا العدوان بصواريخ شديدة الانفجار وخبيثة الفعال طيلة عشر سنين، إهلاك الحرث والنسل في اليمن، بل إنه كلما رأى الشعب اليمني يقل من دماره يبادر ليلحق العشر سنوات حرباً فيرسلها حرباً للسنة الحادية عشرة، وهي حقيقة المنافق: إذا خاصم فجر.
إن معطى كبيراً كان بعض أسباب هذا الصمود اليمني، وهو التكاتف على المستويين الأسري والجمعي. أما المستوى الأسري فهو النفقات البينية، إذ يقوم كثير من الجيران على جيرانهم ابتداءً من الخبز ولواحقه مروراً بتكاليف التعليم ودفع مستلزمات التعليم، بما في ذلك الرسوم المدرسية ومصاريف الطلاب المحتاجين. وأما بالنسبة للمستوى الجمعي فهو أن كثيراً من اليمنيين كلفوا بعض المخابز بإنتاج الرغيف على حسابهم، إذ دفعوا قيمة أطنان من الدقيق لتقديمها للفقراء والمعوزين، فكانت هذه اللفتة فوق الكريمة مما يدخل إلى النفس الشعور بالامتنان وبالصمود.
وليس آخراً أن أبواب الفردوس مشرعة أمام فاعلي الخير في هذه الحالة التي يعيشها شعبنا اليمني، وهنيئاً للمحسنين الدخول من أوسع أبواب رحمة الله.

أترك تعليقاً

التعليقات