عواقب التبرير للانحراف
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا شك أننا اليوم بحاجة ماسةٍ لدراسات وأبحاث تقوم على دراسة كل الظواهر الاجتماعية وتقف على كل السلوكيات المتبعة من قبل الوسط الثوري وتتعرض لكل أساليبه وانفعالاته واهتماماته ومواقفه، ليتسنى لنا من خلال ذلك العمل على مقارنة وعرض كل ما يقوم به الوسط الحاضن للثورة والمعبر عنها بالمنهجية الثورية وأدبياتها وقيمها ومبادئها، فثورتنا تحمل من الخصائص والسمات ما يؤهلها لملء أي فراغ هنا أو هناك، لأنها تستند إلى القرآن الكريم، وتتحرك وفق ما يرسمه هو لها في كل الميادين.
ولكن، لماذا نجد أحياناً من قبل بعض المحسوبين على الثورة تصرفات وممارسات وأنشطة متناقضة تماماً مع ثقافة الثورة وما تدعو إليه؟ وعلى الرغم من تناقضها بالكلية ومخالفتها التامة لتعاليم القرآن الكريم نجد الكثير يؤيدونها ويبررون لها ويدافعون عمن صدرت منهم، ولا يعنيهم بأي حالٍ من الأحوال مدى تعارض أو توافق ما يبذلون قصارى جهدهم للدفاع عنه مع الثورة وقيم المسيرة ومنهجها، المهم أن يتمكنوا من إحراز الانتصار في تلك اللحظة على مناوئي ذلك الفعل أو التصرف، وبعدها يقومون بالمراجعة وإصلاح الخلل، لأنه من وجهة نظرهم يجب شرعنة الخطأ مهما كان ضاراً وسلبياً، لكي لا يتمكن الأعداء من خلال إشاعته تحقيق انقسام في داخل الأحرار، وبالتالي يجب تفويت الفرصة عليهم بكل الطرق، فكيف لنا أن نعترف بخطأ ما ولدينا عدو يرصد كل تحركاتنا وسيقول للناس انظروا ها هم يعترفون بأنهم أخطأوا بكذا وكذا، وهذا سيهز ثقة المجتمع بنا.
صحيحٌ أن ذلك قد يحرز تقدماً للخطوة ويحقق نجاحاً في اللحظة الزمنية، لكن ذلك التقدم وذلك النجاح سيؤدي قطعاً إلى تراجع النهج واهتزاز الخط وهزيمة الفكرة.
نعم، هناك كثير يطمئنون إلى الخدع المتاحة والحيل الجاهزة لتحقيق تقدم على مستوى الحكم وبسط النفوذ، وعندما يواجهون من قبل أرباب الفكر المخلصين لثورتهم يبررون بأن انتصارهم كأشخاص تحركوا بمعزل عن النهج والرسالة سيكون انتصاراً للنهج والرسالة، متناسين أن التبرير للانحراف في بداية الطريق هو تشريعٌ لاتخاذ الانحراف أسلوباً يطبع الحركة الثورية بطابعه كلما واجهت الثورة تحديات فكرية ونفسية واجتماعية وسياسية، وبعد أن كان هنالك خطأ يجب تداركه وإصلاحه فاتجهنا لتبريره وتهاونا بعواقبه يصبح في النهاية خطاً للسير ومنهجاً في الالتزام، لأن فلاناً عمله وباركناه وصادقنا عليه بالقول ليكون بعدها مقياساً للفعل وأساساً من أساسيات الحركة والنظام.

أترك تعليقاً

التعليقات