ثورة في الذات لا ثورة بالذات
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
تشتمل محاضرات سيد الثورة أبي جبريل (حفظه الله ورعاه)، على مجمل الأسس والمبادئ والمنطلقات التي لا بد منها، لكي نتمكن من صياغة أنفسنا، وبناء واقعنا، بالمستوى الذي يعبر عن مدى قناعتنا بمنهج الله، والتزامنا بهداه، فقضية التغيير التي يهدف السيد القائد (نصره الله)، على ضوء ما نستوحيه مما تضمنته محاضراته الرمضانية في كل عام، وأكدته محاضرات هذا العام، ليست قضية ثورة على مظاهر الواقع الفاسد فقط، بحيث تكتفي الذات الاجتماعية بالتحرك مع الثورة في المحيط الخارجي بعيداً عما تقتضيه الضرورة من تغيير في داخل تلك الذات، وبالتالي تقف عند ما تم تحقيقه على يد هذه الثورة من حرية وسيادة واستقلال، دون أن يكون لها أي إسهام في تقويتها، والحفاظ على مكتسباتها وصونها من أيادي العابثين، وأفــــكــــار وثقــافـــات المغرضين والمتربصين والمنحرفين، وإنما هي قضية ثورة شاملة، تقوم حركتها وفق رسالة الله، التي تحدد لها الوجهة والمنطلق والغاية والهدف في كل ما يتصل بمسيرتها ودورها على مستوى الوجود والمصير، كل ذلك من خلال كتاب الله العزيز، وعليه كانت مساعي سيد الثورة سدد الله خطاه، أن تكون ثورتنا ثورةً في الذات، وليست ثورةً بالذات، بمعنى أنه بات من الواجب علينا العمل تربوياً وعلمياً وثقافياً وتوعوياً على صياغة وإعادة بناء أنفسنا من الداخل، لكي تصبح إرادة التغيير والإصلاح منطلقة من دواخلنا، ومحكومة بالفكر الرسالي، الذي يجعل كل الأعمال التي نقوم بها، قائمة على أساس الإيمان ومضبوطة بضابط التقوى، ومجسدة لمعاني الإحسان والبر والخير والعدل والاستقامة.
من هنا يتضح لكل العاملين في مختلف الميادين أن القيمة هي للعمل الصالح، مهما كان بسيطاً ومحدوداً، وليست للعمل الذي لا ينطلق من قاعدة الإيمان والتقوى، وإن بدا للعيان كبيراً وعظيماً، ومتى ما استوعبنا ذلك ونظرنا إلى الأشخاص وأعمالهم بهذا المنظار، استطعنا معرفة الأعمال الاستعراضية، التي يهدف الذين يعملونها إلى اجتذاب الناس نحوهم، ومن ثم التغطية على الأعمال الحقيقية التي يقوم بها المؤمنون والمجاهدون.
ولعل واجب الدولة بجميع مؤسساتها اليوم، ومن وحي محاضرات السيد القائد الرمضانية، هو العمل الجاد، في ترجمة هذه الدرر إلى خطط وبرامج عملية، في كل المجالات، ليتحقق لهذا المجتمع وجود متوازن في شخصيته، التي لاتزال مشطورةً إلى نصفين، فنحن كمجتمع لانزال نرى أن دين الله وشريعته، مقتصران على واقعنا الشخصي في ما نقوم به من عبادات وأعمال وطاعات لله، وإذا ما تحركنا في الواقع العام وما يستند إليه من نظم وقوانين وأحكام تنظم حركته، وجدنا أن علينا أن نعيش الازدواجية في الشخصية، إذ لاتزال الأبواب موصدة أمام ما نلتزمه من عقيدة، لتبقى القوانين الوضعية المخالفة للقوانين الإلهية هي الحاكمة والموجهة، فهل سننجح بتجاوز هذه الهوة؟

أترك تعليقاً

التعليقات