المحمديون بحق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
على كل مَن يقر بالاعتراف: أن محمداً رسول الله، ويعتبر نفسه جزءاً من أمته تأكيد ذلك عملياً، من خلال الالتزام بمجموعة من السمات والخصائص، التي تأتي في مقدمتها:
1. إشاعة الخير بكل معانيه فكراً وسلوكاً ودعوةً والتزاماً، مع العمل على تعزيز وجود المعروف القائم على أساس الحق والعدل المنضبط بضابط الشريعة، والشارح لمقتضى الإيمان، بحيث تصبح الخطوات متركزةً على إزالة كل معالم المنكر، بكل تمظهراته السلبية، من فساد وبغي وظلم واستبداد، عبرت جميعها عن ثقافة الباطل ورموزه، واللذين لا سبيل للقضاء عليهما إلا عن طريق تشكل الأمة الواحدة، التي تجتمع تحت راية الولاء لله ورسوله والمؤمنين، وتعيش علاقة القرب من بعضها البعض على أساسٍ من الأخوة الإيمانية، التي تستوجب على كل فرد مرتبطٍ مع غيره من الأفراد بروابطها التفاعل الإيجابي، بناءً على ما تمتلئ به القلوب من مشاعر المحبة والألفة، الدافعة أبداً نحو الرعاية الدائمة، والنصرة في كل الظروف، كما يشترك في هذه المهمة الرجال والنساء، حيث إن لكلٍ دوره الذي تمليه عليه المسؤولية، والتي ليست سوى انعكاس لمدى تمثل الوعي بالرسول والرسالة، وتعبير حي عن الإحساس العرفاني بهما كنعمة امتن الله بها عليهم جميعاً.
2. التطلع الدائم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، باعتباره القدوة التي يجب التأسي بها، والقيمة المعبرة عن كمال الشخصية الإنسانية والإيمانية التي لا بد من اقتفاء أثرها من خلال البحث والدراسة لكل مراحل حياته، بهدف التخلق بأخلاقه، والاقتباس من نوره الأخاذ والشامل، وجعل ذلك كله منهجاً معتمداً في جميع المجالات التربوية والعملية والعلمية والثقافية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية، الأمر الذي سيجعل العاملين في سبيل الله، على درجةٍ عاليةٍ من الوعي والإدراك لأهمية البقاء مع الناس مهما علت مكانتهم، واختلفت مواقعهم، وتنوعت أدوارهم، إذ إن همهم في كل ما يقولون ويفعلون هو: كيفية الوصول إلى المرحلة التي تؤهلهم لكي يكونوا الرساليين بكل ما تعنيه الكلمة، والذي لن يبلغوه إلا عندما يبلغ مستوى تأثرهم برسول الله الحد الذي يصبحون فيه منسجمين مع رسالته، ومبادرين للاتصاف بصفاته كلها، بدءًا من اتحادهم النفسي بمجتمعهم، وجعل كل ما يعانيه ذلك المجتمع نصب أعينهم، والمحور الذي تقوم عليه حركتهم، بحيث تصبح كل أعمالهم منصبة على التخفيف من تلك المعاناة والآلام، التي يعز عليهم ما يلاقيه مجتمعهم إزاءها من مشقةٍ وعذاب، وصولاً إلى النقطة التي تريك مدى ما بلغوه من الاهتمام بالناس والحرص على إيجاد كل ما بوسعهم، بغرض التحقيق لراحتهم وسعادتهم كعنوان عام تقوم عليه الدوافع التي توجه حركتهم العملية، وتمنحهم الحضور الفعال في كل الساحات، ومختلف القضايا الصغيرة والكبيرة، لأن نظرتهم إلى الناس هي نظرة محبةٍ قوامها الرأفةُ بهم، والرحمةُ لهم، والإحسان إليهم، ولا قيمة لأي مقام أو منصب بالنسبة لهم، ما لم يكن عاملاً على تركيز الوجود الكلي للرسالة في المجتمع، وجعلها هي العنوان لحركته، والأصل الباعث على تحقيق كل العوامل الموجدة لقوته وعزته وتقدمه وحريته واستقلاله، وتعزيز شعوره بضرورة توحده من أجل النهوض بمهمته في الحياة، كي يتسنى له التوصل لأهدافه على مستوى الوجود الدنيوي، أو المصير الأبدي في الآخرة.

أترك تعليقاً

التعليقات