حزب الله والتماهي الحسيني
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لقد حول حزب الله الشهادة إلى منهج حياة، فالشهداء بنظره يقيمون ضرباً من الاتصال بخط الأنبياء عبر التاريخ، هذا الخط المنسوج من التوحيد والحق والعدل والعزة والكرامة والحرية، في مواجهة خطوط الشرك والظلم والعبودية والذي منح الشهادة هويتها القدسية المتعالية هي واقعة كربلاء، والدور التاريخي الذي لعبه بطلها الإمام الحسين، الذي استطاع بشهادته المتميزة أن يكسب الشهادة عمقاً إضافياً، فمعه لم تعد الشهادة تصوراً مجرداً، أو إطاراً مثالياً لفكرة ودور، وإنما تحولت إلى واقع حي، واقع مقدس ومتعال.
من هنا يرى حزب الله وجوب التماهي معه، تماهياً مطلقاً، في طريقة الحياة والموت معاً.
كما أن التركيز التاريخي المتواصل عبر سلسلة الأئمة على عمق الحضور العاشورائي في الحياة زماناً ومكاناً، حيث إنه -حسب تعبير الإمام الصادق- أعطى التماهي اليومي مع الحسين، حياة وموتاً، إمكاناً ممتداً على طول الزمان، واتساع المكان.
وبما أن الحسين اختصر أهداف عاشوراء الخالدة بعنوانين مركزيين هما: العمل بسيرة جده وأبيه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان سلاحه المركزي لتحقيق تلك الأهداف هو الموت: خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، فإنه وإن كان المصداق العاشورائي يتنوع بحسب طبيعة الزمان والمكان، إلا أن الموت كسبيل إلى إنجاز الأهداف سيبقى الفعل النوعي لهذا الحضور.
وأهم ما في واقعة عاشوراء، وحضور الإمام الحسين فيها، أنه أبان بدوره المميز عن فلسفة خاصة للتاريخ، هي فلسفة الأديان والرسالات السماوية، والأنبياء والرسل. هذه الفلسفة التي تبدو أنها تقيم تاريخ الأمة الإسلامية على أساس من التضاد والاختلاف بين عدة أقطاب مختلفة: المعروف والمنكر، الاستكبار والاستضعاف، الله والطاغوت، الشرك والتوحيد، الجور والقسط.
والزمان، وفق فلسفة التاريخ هذه يبدأ بالحرب، وينتهي بالحرب، من قابيل حتى تحقيق الوعد الرباني بالنصر والتمكين لعباده الصالحين.

أترك تعليقاً

التعليقات