جميعنا يخشى الحسين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يجد الباحث عن المثل العليا، والنفوس السامية، بين كل القادة للثورات التحررية والحركات النهضوية، شخصيةً كالإمام الحسين عليه السلام، ولا ثورةً كثورته، لهذا السبب ظل الحسين كإمام وكثورة مجهولاً لدى محبيه ومريديه أكثر بكثير من جهل أعدائه ومبغضيه به عليه السلام، فالذين يبغضونه ولا يحبذون الحديث عنه، وعن مظلوميته يدركون أنه إمام حقٍ وعدل، ورجل صدقٍ وتقى وإيمان، لذلك يخشون إنْ عرفه الناس من انكشاف حقيقة الشخصيات التي تم تقديمها من قبل هؤلاء إلى جميع أبناء الأمة الإسلامية كرموز عظيمة لا بد من العمل على الاقتداء بها، والحرص الدائم على اقتفاء أثرها، إذ بمعرفة الحسين عليه السلام، ستسقط كل تلك الرموز من نفوس الناس وعقولهم، بل سيكتشفون أن الحسين ثار على منظومة متكاملة من الأحكام الجائرة والأفكار المضللة والتشريعات الباطلة التي لم يكن وصول يزيد بن معاوية، الطليق بن الطليق إلا نتيجة طبيعية لها، وثمرة متوقعة لتلك الغراس وذلك الزرع، وهكذا سيعي الجميع أن تمكن يزيد ومن قبله أبوه من رقاب المسلمين لم يكن نتيجة صدفة أو ضربة حظ، وعليه فجميع الذين شاركوا بقول أو فعل أو تخطيط أعان الطلقاء على بلوغ مبتغاهم ومرادهم، شركاء في دم الحسين ودم أخيه ودم أبيهما من قبلهما، ويتحملون المسؤولية الكاملة عن كل ما جرى ويجري على الإسلام من تزييف وتبديل، وحذف وزيادة وتحريف، وعلى المسلمين من ظلم واستبداد وقهر واستعباد وقتل وتهجير وإفقار وضياع وتجهيل حتى قيام الساعة، لأن عملية الاغتيال للإمام علي في محرابه، وعملية اغتيال الحسن بالسم، وكذلك الإصرار على استئصال شأفة أهل البيت في كربلاء، ويوم عاشوراء، الذي انتهى بمقتل سيد الشهداء، مع عددٍ من أبنائه وإخوته ومناصريه، قد سبقها جميعها عملية الاغتيال والتصفية المعنوية، لهؤلاء جميعاً، عندما اغتيل المشروع الذي كُلفوا بحمله من قبل الله ورسوله، في ذلك الاجتماع، والنبي صلى الله عليه وآله على فراش الموت، ولم يكن حتى قد تم دفن جسده الشريف بعد.
وإذن فأعداء الحسين كمشروع لن يدخروا جهداً بإبعاد الأمة عنه، تارةً بالتزييف للحقائق، وأخرى بالطعن الصريح بالحسين وثورته، كل ذلك من أجل الحيلولة دون انكشاف الإسلام القرشي، الذي وُجد لمحاربة الإسلام الإلهي المحمدي وطمس معالمه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما سر الخشية التي تعتري معظم أشياع ومحبي ومريدي الإمام الحسين عليه السلام، من حصول معرفته لدى مجتمعاتهم كما هو وكما يجب من دون زيادة ولا نقصان؟
الجواب لأن معظمنا كشيعة لأهل البيت يريد لعلاقته بأهل البيت ألا تتعدى ما كان عليه الحال لدى أهل الكوفة مع الإمام الحسين، وهو ما عبر عنه الفرزدق بجوابه على استفسار الإمام عن واقع الناس حين قال: قلوبهم معك وسيوفهم ضدك. كما أننا نريد أن نتولى علياً وحسناً وحسيناً ولكن شريطة ألا يصل مستوى تولينا لهم إلى الحد الذي يجعلنا وجهاً لوجه في معركة لا بد منها، بيننا وبين آلاف ابن ملجم ومعاوية ويزيد، الذين باتوا يغدون ويروحون في دمائنا، ويستحوذون على ذواتنا، ويسيطرون على واقعنا في أكثر من موقع، وبأكثر من وجه، لذلك سنبقى مع علي الشخص وحسين الشخص والعاطفة، دون أن نخطو خطوة واحدة للاقتراب منهما كمشروع حياة.

أترك تعليقاً

التعليقات