عنصرية حتى في الارتزاق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يسرف الكثيرون هذه الأيام في استخدام العبارات والمصطلحات التي تشكل في مضمونها خطراً جدياً على الوعي العام لدى جيل ومجتمع الثورة، إذ تجد بعض مسؤولينا مولعين بامتداح الخونة والمرتزقة في تغريداتهم ومنشوراتهم، ظناً منهم أن ذلك سيسهم في لفت انتباه المرتزقة والخونة والعملاء إلى ضرورة مراجعة حساباتهم، وتصحيح مواقفهم، فيعودون بالتالي إلى جادة الصواب، وهذا لن يحدث مطلقاً، لأن مَن لم توقظه الأشلاء المتناثرة والدماء النازفة، والصرخات المكلومة، والمدامع الحرى، ولم تحرك لديه النخوة والشعور بالكرامة الجرائم المرتكبة من قبل قوى العدوان بحق شعبه ومجتمعه، يستحيل على بضع كلمات أن تخرجه مما هو فيه من غي وانحراف وغفلة وإصرار على مناصرة الباطل ومحاربة الحق.
وقد يندفع بعضنا بدافع القبلية، ليقول عن رأس من رؤوس العمالة والنفاق والارتزاق: «إنه لايزال متردداً في تحديد موقفه مع مَن يجب أن يكون، ولعل تاريخ والد هذا المنافق النضالي ورصيده المشرف في التزام النصرة للمبادئ الحقة والقضايا العادلة، هما اللذان جعلاه لا يحسم موقفه حتى الآن».
وهذه مغالطة أخرى يسوق لها أصحابها، وخصوصاً أنها تتحدث عن مرتزق ومنافق ظل على مدى زمن العدوان علينا ببندقيته ولسانه وكل ما لديه في صف المعتدين على الشعب اليمني، ولم يلمس الناس أثراً لما يحاول هذا أو ذاك خلعه على هذا المرتزق من مناقب ورجولة وشرف لا في قول ولا في فعل على امتداد سبع سنوات، ثم متى كان صلاح الآباء والأجداد مبرراً للسكوت على فساد الأبناء والأحفاد؟ إذ نجد في القرآن الكريم أنه حتى الأنبياء (عليهم السلام)، لم يشكل إيمانهم وصبرهم واستقامتهم ضمانةً لمَن يرتبط بهم وينتمي إليهم تمنع عنهم العقوبة التي يستحقونها مهما كانت صلتهم بأنبياء الله ورسله (صلوات الله عليهم)، فهذه امرأة نوح وكذلك امرأة لوط ضرب الله سبحانه وتعالى بهما مثلاً للكفر والكافرين، وأوجب لهما النار جزاء كفرهما، وهذا ابن نبي الله نوح (عليه السلام) لما فضل الكفر على الإيمان، كان من المغرقين، وقال الله لنبيه عنه: «إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غيرُ صالح».
لكننا والحمد لله بتنا نحسب حساب القبيلة أكثر من أن نحسب حساب الله سبحانه، ونعطي الانتماءات الضيقة أهمية أكثر من إعطائنا للانتماء إلى دين الله، ولذلك بتنا نرى أن الارتزاق والخيانة والعمالة والنفاق، والفساد والظلم والطغيان، درجات من حيث ردة فعلنا على من تصدر تلك القبائح منه، فابن الشيخ المعروف وابن القبيلة المشهورة وإن كان مرتزقاً ومنافقاً وعميلاً فلا يجوز مساواته بابن الفلاح والمنتمي إلى القبيلة المغمورة وإن كانا مرتزقين، فالشيخ شيخ والرعوي رعوي حتى في الارتزاق والعمالة!

أترك تعليقاً

التعليقات