العار كل العار؛ نصيب مَن؟
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لن يحفظ حق الشهيد علينا إلا رجالٌ علموا أن لا إله إلا الله، فاتخذ كلٌ منهم موقعه العملي، القائم على ذلك العلم، والساعي لتأكيده في حياة وواقع الناس، إذ باتوا مدركين أنه لا بد من خوض حربٍ طويلة الأمد، حتى يتسنى لهم وضع الأسس اللازمة لإقامة دين الله، واستعادة جوهر الإنسانية من أيادي اللصوص والكهنة والفراعنة والقوارنة والبلاعمة والشياطين الكبار والصغار، وعليه انقسموا إلى فريقين، كل فريق يكمل الآخر، ويعزز وجوده، ويحفظ آثاره، ويصون عهده، ويرعى أمانته، هذان الفريقان هما:
* رجال المتاريس، المعطون من دمائهم أنهاراً تسقي الحقيقة، والجاعلون من أرواحهم ردماً يحول دون تمكن المفسدين في الأرض من رقاب الناس ومصائرهم مجدداً.
* رجال الكلمة، الذين يقطنون بين الناس، ويقاسمونهم آلامهم وآمالهم، ويكتوون بنار معاناتهم، وهم أبداً الذين يرفضون الانتقال من زوايا وباحات الأرصفة، التي تمكنهم من النظر في واقع وأحوال الناس، إلى زوايا القصور، وباحاتها، على الرغم من حجم ومستوى الكلفة التي يدفعونها في سبيل ذلك الموقف، كضريبة على ما أقدموا عليه من اختيار.
إن حق الشهداء علينا اليوم وغداً وفي كل يوم هو: الحرص على إبقاء المبادئ والقضايا التي ضحوا من أجلها حيةً حاضرةً قويةً ناميةً متجددةً في كل الظروف والأحوال، فهم لم يضحوا إلا في سبيل الحق والعدل، الأمر الذي يحتم علينا الابتعاد عن سبل الباطل كبيرها وصغيرها، والتخلص من كل أحابيل الزيف والمغالطة التي نعتمدها أحياناً لإلهاء أنفسنا، أو إلهاء الآخرين، والمزايدة عليهم، والتوجه الصادق لإقامة القسط بين الناس، ومحاربة الظلم والظالمين، وتبني العدالة بشتى معانيها كسياسة عامة، تُطبق على الكبير قبل الصغير، ويلتزمها المسؤول قبل الموظف العادي أو المواطن.
إن العار كل العار، والخزي كل الخزي سيصبحان رداءً وإزاراً يلبسهما كل مَن يحتفي بذكرى الصادقين، في الوقت الذي يجعل من الكذب مأكله ومشربه ومتنفسه، وبضاعته التي يعرضها أمام مجتمعه ليلَ نهار، ويتحدث عن المخلصين في الوقت الذي يتخذ من الرياء مركباً للوصول إلى أعلى المراتب، وبلوغ ما تسول له به نفسه من أهداف وغايات رخيصة ودنيئة على حساب الأهداف السامية، وتحت غطاء الغايات النبيلة، ويكتب عن الذين بذلوا مهجهم، وضحوا بوجودهم المادي والمعنوي في سبيل الله والمستضعفين، في الوقت الذي لا يتوانى عن انتهاك حدود الله، والتعدي على عباده بقولٍ أو فعل، ونهب حقوقهم، والعمل على ظلمهم، إلى جانب التقصير في تقديم الخدمة العامة لهم كما يجب، وحسب الممكن والمتاح!

أترك تعليقاً

التعليقات