ورد ومورد
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا شك أن الجواب لا، هو الذي ينبعث من أفواهكم، لأن قضية الهداية لا بد لها من أن تطلب من الله وحده، وعلى المسلم أن يعلم أن هناك الكثير من المهام والأعمال التي يصل من خلالها إلى مقام الكمال تسليماً والتزاماً وحركة وموقفاً وإيماناً لا يمكن الحصول عليها إلا إذا طلبها من الله وحده، وهذه هي القيمة للدعاء الذي هو أدل معاني استشعار المؤمن للقرب من الله وإدراك عظمته وتحقيق معرفته وبيان مدى الاستجابة له تلك الاستجابة التي يعد الإيمان بالله منطلقها ومقامها ومادتها ومحتواها، وذلك الإيمان الذي يتجلى رشداً واستقامةً ويقيناً ووعياً وبصيرة وثباتاً واستمرارية في حمل الحق ونشر العدل ومحاربة الباطل والظلم والضلال والطاغوت أينما وجد ومن أي شخص كان، ونحن نجد في القرآن المقامات التي عاشها المؤمنون وكان الواقع بما فيه من مظاهر مادية يتحرك ضدهم ويصب في خدمة عدو الله وعدوهم، وكيف أن التحرك الجاد العامل أبداً في سبيل الله والمستند دائماً إليه والمستشعر لمعيته أجرى بالدعاء دم الحياة في عروق أماتها اليأس وقلوب استوطنها القنوط، تلك طبيعة الوضع العام وذلك لسان حال عامة الناس وهم يرون الخسارة نصيب من يعملون لله ويتحركون في سبيله وينطلقون في ميدان نصرة دينه وإبلاغ شريعته، إذ تنشد العين إلى المظاهر وتنجذب إلى الماديات وتبني وعيها بما سيكون في المستقبل ولصالح من ستكون الغلبة على أساس القوة ومن الذي يمتلكها، متناسين أن وراء كل قوة من هو القوي وليس ثمة قوة تعادل قوته ولا إرادة فوق إرادته، هذا هو الدعاء الذي متى ما صدر من أفواه من يعملون لله ولا يقفون مواقف العجز ولا يسلمون بالانسحاق أمام القوى الكافرة، بل يشعرون بالعزة ويعون أن الله معهم وعليه فالدعاء سلاحهم المغير لكل المعادلات والآتي بالنتائج خلاف التوقعات.
وعندما نعود إلى الإسلام المحمدي الأصيل ونلتقي بأدعية وابتهالات قرناء القرآن نعرف أن الدعاء ليس هرباً من الواقع وليس إغماءة صوفية ترغب بالاعتزال والابتعاد عن الواقع ومشكلاته، بل إن الدعاء هو زاد الروح وروح الفكر وينبوع الهداية ونور الطريق، ولعلنا ندرك عظمة ما قدمه علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) الذي صاغ أدعيته بشكل دروس وتعاليم واجهت الكثير من مظاهر الواقع المظلم في زمانه وبنت الكثير من الرجال الذين انطلقوا مجاهدين في سبيل الله وجنوداً لنصرة دينه.
من هنا سننطلق على بركة الله في رحاب مدرسة زين العابدين لنقف على شذرات مما تختزنه الأدعية الرمضانية وتحديداً دعاء استقبال شهر رمضان ودعاء الافتتاح ودعاء الوداع، فهذه الأدعية تحتوي على جل ما نحتاجه في مقام الروح وسموها، وفي مقام القيم وتمثلها، وفي مقام العمل والحركة وامتلاك قوة الدفع لاستمرارية مسيرة الحياة الحقيقية وتحصيل ثمراتها.
وستكون البداية من دعاء استقبال شهر رمضان، وهذا الدعاء مدرسة اجتماعية وثقافية وتربوية وجهادية وشاملة يستحق منا أن نقرأ بوعي ونصغي بتفهم، وهنا نقف آملين أن نكون قد وفقنا في رسم صورة موجزة لسلسلة المقالات التي سنكون معكم من خلالها في شهر رمضان المبارك، على أن نبدأ في المقالة القادمة بإذن الله مع أولى فقرات دعاء استقبال الشهر الكريم.

أترك تعليقاً

التعليقات