نعم متفقون
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
الهرطقات الجوفاء والطنطنات الفارغة، والحرص المفتعل على الشعب، وادعاء الانتماء إليه، وتبني قضاياه، وحمل همومه ومشكلاته؛ أمورٌ تميز بها القاصي والداني والدخيل والعميل والمخلص الأصيل من أحزاب وحركات وتيارات سياسية حكمت اليمن منذُ ثورة 26 سبتمبر 1962، وحتى اليوم والحال على ما هو عليه دائماً وأبداً، إذ لم يتغير شيء سوى الشعارات والخطب والمادة الثقافية والتعبوية التي تختلف من حزب أو تيار لآخر، ومن حركةٍ إلى أخرى، وهذا الاختلاف المنهجي والثقافي والأيديولوجي؛ لم يكن سوى وسيلة لاستقطاب الجماهير، بعد أن يشعروا بأن هذا الحزب أو ذاك التيار أو الحركة؛ يحمل لهم الخلاص من كل ما هم فيه من ظلم وغبن وقهر ودونية واستلاب وفقر وجهل وتبعية، ولكن ما هي إلا أشهر أو سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات بالكثير حتى يكتشف أولئك الأتباع أنهم لم يثوروا إلا على الشكل الخارجي للأنظمة البائدة العميلة والمستبدة فقط، أما المضمون فهو هو في كل زمان ومكان وثورة وثوار، وكأنَ الجميع من علماني وإسلامي ويميني ويساري متفقون على جعلنا في تخبط وظلام وضياع وتيه وانعدام وزن أبدي لا أمل بمغادرته والمجيء بسواه من الأمور التي من شأنها أن توجد لدينا العلم والمعرفة والثبات والوعي والبصيرة والمنعة والعزة والتعاون والأمن والعدل والاستقرار المادي والمعنوي.
نعم متفقون، ولعل أكبر شاهدٍ على اتفاقهم هو تجريد هذا الشعب المغلوب على أمره من كل ما يؤمن له حياة كريمة، ويدفعه للتحديق في الغد، والعمل من أجل المستقبل، إلى جانب إشغاله بالصراعات المناطقية والقبلية والمذهبية، وبنفسه، وذلك من خلال جعله يجري جري الوحوش وراء تأمين المسكن والملبس والدواء والغذاء لمَن يعول وله، ولا بأس من ملء هذا الفراغ الوجداني والوجودي من وجهة نظرهم جميعاً لدى هذا الشعب بمنجزات وهمية، وتغييرات كاذبة، ومشاهد وخطابات ومواقف استعراضية لا تسمن ولا تغني من جوع، فهم وإن اختلفت مشاربهم واتجاهاتهم وأهدافهم يؤمنون بأجمعهم بأن الدولة للشلة والأصحاب والأنساب والأعمام والأخوال والأبزياء وأصحاب القرية والمنطقة، وأما الشعب فهو مهم ولكنه ملك للدولة، عليه أن يبذل نفسه وماله في سبيل تأمين العروش وإشباع الكروش، وأما قيمة كل فرد، لدى الدولة اليمنية منذُ 62 حتى اليوم، وحفظ حقوقه، والحفاظ على كرامته ومعاملته بعدل ورفق ولين ورحمة ودلال واتزان فأمورٌ لا ينالها إلا مَن كان ضمن شلل وحاشية وجنود وعبيد وخدم وحشم مراكز القوى وهوامير الفساد القبلية والمالية والدينية والسلطوية، وأما مَن يتعامل مع الدولة باعتباره مواطنا فقط، وليس له صلة بمراكز النفوذ المختلفة فليس له قيمة ولا اعتبار، ولا يملك حقا، ولا يجوز معاملته بعدل، ولولا أنهم يريدون منه ضرائب وجمارك وجبايات كثيرة لأحرقوه، لا أستثني أحداً، فكل نظام سياسي سلك مسلك سلفه، وهكذا جميعهم سواء بسواء.

أترك تعليقاً

التعليقات