مظاهر العقدة الوهابية
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لدى مسوخ الوهابية وكل التيارات المرتبطة بهم: عقدةٌ متجذرة في نفوسهم، مسيطرة على ذهنيتهم، حاكمة لكل تصرفاتهم ونوازعهم، وقد لا يدركها البعض كما هي إلا عندما تثار مسألة ارتباط اليمنيين بالرسول صلوات الله عليه وعلى آله، أو بأهل البيت عليهم السلام، من خلال الاستناد إلى ما سجله جمهور المؤرخين وكتاب السير والمغازي، وبناءً على ما تعطيه الأيام التي تختزن بين طياتها حدثاً أو مناسبة، كانا سبباً لتغير واقع الحياة، ومجرى التاريخ، أو أصلاً يمكنه منح الحركة الحاضرة المزيد من الدروس والعبر التي تستفيد منها لإغناء تجربتها، ومدها بكل ما تحتاجه من عوامل التثبيت، وعناصر الدفع والتعبئة المعنوية، ومقومات التربية والبناء بمفهومهما الواسع، فمثلاً: نجد أن كل حديث ورد في فضل اليمنيين ومكانتهم ودورهم من رسول الله صلى الله عليه وآله، داخلٌ في مصنفاتهم وكتبهم في خانة الضعيف أو المكذوب، ولو كان متواترا، وصحيح الإسناد لدى المتقدمين، ولا نجد تفسيراً لمثل هكذا تعدٍ على الشريعة إلا الحقد الدفين على اليمن، التي وإن انتسب بعضهم إليها في الظاهر، فإنه يبقى غريباً عنها، وكارهاً لها، ومعادياً لكل ما يتعلق بها من حيث الأصل، إذ الجذور التي كونت فكره وروحيته، وبنت نظرته للأمور كلها كانت على النقيض مما عليه الجذور التي يقوم عليها وعي وفكر وتاريخ وروح اليمن واليمنيين.
ولم يقف سعيهم لإحداث القطيعة بين اليمني المعاصر وبين التاريخ الرسالي لآبائه وأجداده عند التقليل من شأن ما ورد بلسان رسول الإسلام من قول، بل تعداه إلى طمس المعالم والأسماء التي كانت تحمل شاهدا على سبق اليمن إسلاماً وإيماناً دون سواه، كما يتبين ذلك مما حدث للجامع الكبير بصنعاء، وجامع الجند بتعز، إذ كانا يعرفان باسم: مسجد صنعاء النبوي، ومسجد الجند النبوي، فحذفت كلمة النبوي منهما، بغرض التجهيل والتعمية على الناس، والطمس لكل ما يشعرهم بمدى قربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله، وما اختصهم به من محبة وفضل على سائر الناس.
أما الشيء الأكثر غرابة ودهشة هو: خلو كل كتب التاريخ في المنهج المدرسي ومقررات التعليم العالي على طول المراحل السابقة من أدنى إشارة لموضوع قدوم الإمام علي عليه السلام إلى اليمن، بحيث اقتصر الحديث في دخول اليمن الإسلام على معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلماذا تعمدوا الإزاحة للإمام من عقل وقلب النشء والشباب المتعلم؟ وما سر جفوتهم تلك تجاهه؟ هل كانوا يخشون عودة اليمن إلى الدين من بابه الذي متى ما عرفوه سقطت كل تلك الرموز والوسائط والشخصيات التي قدمت كبديل عن الرسول وعلي وسائر رموز وشخصيات الإسلام الأصيل؟ أم لأن النفاق هو الحاكم لكل ما أقدموا عليه بهذا الشأن؟ أو لإدراكهم أن حياة اليمن واليمنيين التي لا يحبذون بقاءها واستمراريتها ستتحقق فيما لو عرف المجتمع اليمني سبيل الوصول إلى الإمام، باعتباره الروح والقضية، والمصدر الكاشف للباطل، والدليل الهادي إلى الحق؟

أترك تعليقاً

التعليقات