الوطنيون حقا
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لقد قدم لنا الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، على ضوء ما استوحاه من القرآن الكريم، النموذج الذي يجب علينا أن نتمثله في توجهنا الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي والتربوي، وفي كل مجالات العمل للدين والحياة، حتى نصل إلى المستوى الذي يجعلنا نشهد في واقعنا كله وجود مجتمع متميز، قادر على تحقيق النهوض والإصلاح في واقع الأمة.
هذا المجتمع الذي هو في غاية السمو والكمال، وردت مواصفاته في كثير من آيات الذكر الحكيم، ومن تلك الآيات التي ركزت على أهم ما يميز ذلك المجتمع، ويمثل عنواناً لجميع تحركاتهم، وأساساً تبنى عليه جميع مواقفهم، وقيمةً تصاغ بموجبها أخلاقياتهم، وقاعدةً مرجعيةً لجميع مبادئهم، هي قول الله تعالى: «ومن الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوفٌ بالعباد».
وكأن هذه الآية توحي في ما تعطيه من مفاهيم وأبعاد حركية، أنه لا سبيل لمواجهة الفساد والإفساد، الذي يسعى إليه أولئك الذين يغرقون في ذواتهم، ويبتعدون عن ربهم، ويتمادون في مخالفة هداه وشريعته، ويتخذون من التضليل بمختلف أنواعه، سبيلاً للوصول إلى غايتهم التي عبر عنها قول الله تعالى: «وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل»، لا سبيل لذلك إلا بوجود هذه الفئة التي بلغت قمة الصلاح في نفسها، المتمثل باستعدادها للبيع من الله، ولأنها قد باعت النفس منه فإن هذا الأمر يفرض عليها التحرك لمواجهة المفسدين، الذين يهددون حياة الناس بكل مظاهرها، وهذا هو الإصلاح الحقيقي، لأنه قائمٌ على بيع النفوس من الله، وصدق التوجه إليه، والالتزام التام بهداه، والغاية والقصد من كل ذلك هو نيل رضاه وحده سبحانه.
إذن، هؤلاء هم الوطنيون حقاً، لأن بوجودهم وحركتهم تبنى الأوطان، وتصان الحقوق والأعراض، وتتحقق السلامة للناس وللحياة من حولهم من كل الشرور، بالإضافة إلى أنهم بجهادهم يقدمون الخدمة الأهم للناس، إذ يقونهم ممن يعملون على إهلاك حرثهم ونسلهم، وجميع مظاهر وجودهم، وهم مع ذلك لا يتحدثون عن أنفسهم، ولا يسوقون لذواتهم، حتى وإن كان ما سيتحدثون به حقيقة، كما يشير إلى ذلك الشهيد القائد رضوان الله عليه، باعتبار توجههم العملي الذي يتمثل ببيعهم للنفوس من الله، وهذا هو الشيء الإيجابي الذي يميز جميع أعمالهم.

أترك تعليقاً

التعليقات