هنيئا لكل الفاشلين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
التعويل على نجاح الفاشل، وتغير المقصر، ونضج الخامل في عقله، وتقدم المتخاذل المتراجع في أداء دوره، وتحمل مسؤوليته، واستقامة المنحرف، ودفع العاجز ضعيف الوعي مسلوب الإرادة إلى الأمام: عقدتنا التي لم نستطع الفكاك منها، إذ لا نقوى على التفكير خارج إطار هذه الدائرة التي نجد أنفسنا محكومين بمقاييسها في كل شيء، مجبرين على السير معها إلى ما لا نهاية، حتى وإن أدى ذلك لإهدار وتضييع المزيد من الجهود والأوقات، وتسبب بموت الكثير من الأفكار، وتجميد القوى الفاعلة، والأيادي المنتجة المبدعة الخلاقة، لأننا على ما يبدو لم نعد قادرين على تصور وجود يمن الحرية والاستقلال والثورة والجهاد إلا بوجود هؤلاء العجزة والفاشلين، وكأن الدهر عاجزٌ عن الجود بأحسن منهم، لذلك نرى أنفسنا تلقائياً نسارع لكي نتمسك بهم بأيدينا وأسناننا، مهما كثر شططهم، وعظم مستوى غلطهم، وتزايدت سقطاتهم، فآخر همنا هو:
التفكير بإيجاد البديل لكل هؤلاء، فنظل إلى جانبهم، تارةً نقوم بنقل هذا العاجز إلى مكان آخر، ظناً منا أن اختلاف الجو، وتغير نوع المهام والمسؤوليات من مقام لآخر قد يساعده على العطاء، وتقديم ما عجز عن تقديمه في منصبه السابق، وثانية نقوم بإتاحة المجال لهذا وأمثاله كي يطوروا أنفسهم، ويعززوا معارفهم، ويصقلوا خبراتهم ومواهبهم المعدومة من حيث الأصل، وذلك بتذليل سبل التحصيل العلمي لهم، وتوفير المقاعد الدراسية في مختلف الكليات والجامعات لاستيعابهم، ووضع كل الإمكانيات تحت تصرفهم، وفي المقابل لا يتغير شيء على أرض الواقع، باستثناء شيء واحد، هو: أننا أتحنا للعجز والفشل فرصة لإعادة تموضعه من جديد، وبشكل منظم، حتى وإن كان المضمون يوحي بأننا لم نزد شيئاً إلى الفراغ سوى شهائد كرتونية مُنحت لكراتين من أصلها وجنسها ونوعها وفصيلتها، والبركة في الجامعات التي أصبحت اليوم بعدد المولات والأسواق التجارية، ولاتزال في تنامٍ مطرد، ولربما يأتي علينا اليوم الذي نراها تفوق البسطات والبقالات عدداً وأسماء.
فهنيئا لكل الفاشلين والعاجزين ما يلاقونه من عطف واهتمام ومساندة ودعم لا حد له، ومباركٌ عليهم بقاؤهم في الواجهة دون منازع، بعد أن بات من المستحيل أمام ذوي الخبرات والقدرات والمعارف الوصول لشيء يمكنهم من إبداء ما لديهم، والإسهام ببناء الواقع كما كانوا يحلمون ويتطلعون، وعزاؤنا لكل الشباب المجاهد الثوري الطموح، فزمانهم لم يأتِ بعد، ولربما قد أتى، فتم تصفيته قبل أن يصل إليهم.

أترك تعليقاً

التعليقات