أعظم أزمة أوجدها المزرون
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لقد كاد المزرون أن يصلوا بالشعب الحر الثائر المؤمن المجاهد إلى نقطة الفقدان للثقة بثورته ومشروعها وسيدها، وبالتالي يسلم بالهزيمة، ويتجرع مرارة الخيبة والفشل، قائلاً: إن الدهر لا يأتي بالأحسن، وليس بالإمكان أفضل مما كان. ولكن هيهات هيهات منا ذلك، وسيد الثورة لهم بمعية الله، وكل الشرفاء بالمرصاد. كما أن المعركة المقدسة في مواجهة الصهيونية والشيطان الأكبر، معركة الفتح الموعود والنصر المقدس؛ قد برهنت للشعب الحر؛ بأن ثورته لن تموت، وبأن لديه قيادة ومشروعا ومجاهدين غيروا وسيغيرون العالم، ويعيدون الاعتبار للإسلام والإنسانية.
نعم لقد تسبب المزرون بوجود الكثير من الأزمات والمشاكل، ولكن أعظم أزمة على الإطلاق قد أوجدوها هي أزمة التحجر، لكونهم راغبين بشدة في القضاء على الثورة فكراً وخطاً، وعندما يفقد الفكر مبرراته التطورية والتقدمية يصبح خارج دائرة الزمن حيث يتحصن في داخله رافضا الخروج من دائرة الماضي والانسجام مع حلقات الحاضر والمستقبل المتسلسلة. حينئذ يصبح التحجر والجمود هو من أساسات بنائه ووجوده، والفكر عندما يفقد مبرراته التطورية يفقد غاياته أساسا ويتجرد من تسميته الحقيقية إلى وجود جامد لا يستطيع أن يلاحظ خارجه. إنه ساكن في اجتهاداته قامع لها ورافض لمتغيراته، فيحارب كل متغير يسري في داخله ليقدس كل مقتنياته ويحدد كل إنتاجاته، فيحتكر كل الحقيقة وينبذ كل النقد، ويصبح العناد المطلق جوهر تفكيره المنغلق على عوالمه الخاصة. قد يكون السبب هو عدم الثقة بالعالم الخارجي والإحساس بالضعف وفقدان القدرة على تمثل المشروع ثقافة وسلوكا وحركة، وأدرك المزرون أنهم مطالبون بحماية مكاسبهم ومواقعهم، ولو خسرت الثورة، ومات المشروع، ولكنهم في النتيجة يخسرون كل شيء عندما خافوا أن يخسروا البعض من امتيازاتهم.
لقد حاول المزرون العمل على جعل الواعين يستسيغون ميلهم إلى التحجر والجمود، بحجة الحفاظ على الهوية، ومواجهة الحرب الناعمة، والحقيقة: أنه لا يمكن أن تكون المحافظة على القديم مبررا للتحجر والجمود بل على العكس من ذلك فإن عدم التجديد يقضي على غايات وجودها ويقودها نحو العدم، لأن التحجر لا يعني كغاية وهدف التمسك بالأصول والثوابت بل يعني بشكل أكبر تحجير المبادئ ورفض الانسجام مع تحديات التغيير التي تحتمها معطيات الكون المتحرك والمتغير.
إن مفاهيم الدين الإسلامي تحض على الاستجابة الفعالة مع العالم الخارجي وتطوير الفكر الإنساني باستمرار لتحقيق الحرية والاقتناع والإبداع والتطور التي هي من أساسات تحرك الإنسان وتصاعده نحو الكمال، والملاحظ للكثير من التصريفات في الأفعال المستخدمة في القرآن تدل على حركة الفكر وعدم جمودها مثل: التدبر.. التفكر.. ولكن كيف والمزرون سد منيع بين الشعب ومشروعه الثوري التحرري؟!
أزمة التحجر أزمة حقيقية لأن المزرين يرفضون الحوار والتغيير ويقدسون أفكارهم بشكل مطلق ويحاربون الرأي الآخر. وهي تنطبق على اتجاهات فكرية متنوعة لأنها تشكل أزمة اجتماعية عامة تنبع من البنيان الثقافي العام للدولة.

أترك تعليقاً

التعليقات