غصة من مليون أمثالها
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
للمعرفة السليمة والواضحة دورٌ كبيرٌ في حماية المشاريع الإصلاحية، والحفاظ على تماسك المجتمعات، وتعزيز انتمائها الفكري والروحي لكل الحركات التحررية والنهضات الثورية الشاملة، فهي السلاح الأساس الذي يحتاجه كل مَن نذر نفسه للوقوف في مقدمة الصفوف دفاعاً عن الحق والعدل، في وجه حركة الباطل والظلم، ولكم تسبب ضعف الإدراك وقلة الوعي والجهل بالمحيط والذات والمشروع من قبل الأتباع بهزيمة أكثر الثورات مصداقية وأحقها منهاجاً، وأعظمها سنداً، وأهداها سبيلاً! لكونهم فقدوا بفقدان المعرفة السلوك الذي لا بد من التزامه في حركة التفاعل والانفعال على مستوى الذات والمحيط، وطبيعة التعامل في سياق المعاملات والعلاقات الخاصة والعامة، بل فقدوا بذلك القدرة على تحويل ما لديهم من نهج وفكر نظري، إلى منظومة عملية، تحدد الحقوق والواجبات، وتضع المعايير والقوانين التي تسهم في تسيير الحياة، ونمو الإنسان وتقدمه.
ولقد ظلت المصادر المعرفية للحق محجوبة عن العقول، بسبب وجود الذين يقدمون أنفسهم ناطقين باسمها، ومعبرين عنها، ولأنهم قد وظفوا تلك المعارف لخدمة مصالحهم، وتجاوزوا كل ما عدا تلك المصالح، ولو أنهم خلوا بين الناس والمصادر المعرفية لكان ذلك كفيلاً بجعل الجميع يلمس طبيعة هذه المعرفة وقيمتها، من خلال ما ستحدثه من آثار في النفوس وفي الواقع كله.
إنك لو وقفت متأملاً اليوم لطبيعة ما تقدمه معظم مؤسسات وقطاعات الثقافة والإعلام لأدركت أن قيمة المشروع الثوري لم تبلغ عندهم المستوى الذي يجعلك ترى مدى ارتباطهم بالمشروع من خلال الجهود المبذولة لمخاطبة الحس والعقل والوجدان، والقدرة على التأثير، والإقناع بطبيعة هذا المشروع، وبالتالي تستطيع معرفة السبب الكامن وراء تراجع الوعي العام بالقضايا المصيرية، الذي هو لا شك: الأداء والتعاطي السلبي مع كل القضايا، واتباع روتين جامد وممل وموحد من قبل تلك الجهات، والسعي لإحلال شخصيات بعينها محل المشروع، وتسخير كل شيء لتمجيدها وتضخيم كل فعل بسيط يصدر منها، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للبذيئين لكي يتصدروا بعض القنوات والإذاعات، وتهميش العقلاء والحصيفين المستبصرين القادرين على فعل شيء، وكم وكم من غصص، ليست هذه سوى واحدة منها!

أترك تعليقاً

التعليقات