مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
وقفنا بالأمس عزيزي القارئ عند التسمية التي خلعها علماء اللغة على كتاب سيبويه. وهي تسميةٌ اختص بها القرآن، إلى أن جاء تلاميذ سيبويه، وأنصار مدرسته، فجمعوا كل ما خلفه سيبويه، وسلبوا القرآن ما اختص به دون سواه، ليخلعوا تلك التسمية على كتابه، الذي بات يُعرف بالكتاب!
الكتاب؟! نعم الكتاب. ففيم استغرابك؟! ربما لم تكن تدري أن النص القرآني بجلالة قدره؛ تم إخضاعه لتقعيدات جاءت بعده بعد مئات السنين!
تعال معي وانظر ماذا يقوله الثالوث الذي عبدته أمتك من دون الله لأكثر من ألف عام، ولاتزال، أعني: (النحاة والمفسرين والفقهاء) ماذا يقول عن كتاب سيبويه؟
يذكر صاحب هذا الكتاب المقدس بقداسة الله الرحمن الذي انطلق من أجله، وحمل اسمه جل ذكره اسماً له، فحل بذلك كل أو معظم الألغاز، كون الرحمن سبحانه هو اللغز الأكبر، يذكر ما جاء في مقدمة كتاب سيبويه، للمحقق عبدالسلام هارون قوله: وقال الصيرافي: وقد عرف كتاب سيبويه بين النحاة بالكتاب لشهرته وفضله، فإذا قلت: قرأ فلان الكتاب، أو نصف الكتاب فلا يُشك بأن المقصود هو كتاب سيبويه. بل لقد سُمي لدى بعضهم بقرآن النحو. ومن طريف ما يروى أن أحد نحاة الأندلس كان يختمه كل خمسة عشر ليلة، وكأنه يتبرك بقراءته كالقرآن! ثم يأتي من يقول لك كما يقول صاحب هذه الدراسىة: إننا أمة لا تعرف التقديس". بلى عزيزنا المؤلف تعرفه وتمارسه خضوعاً وتذللاً وعبودية في كل وقت وحين، شريطة أن يكون لغير الله، وإلا لما وجدنا جمهرة لغوييها ومفسريها يشعروننا أن سيبويه بكتابه لم يكن صاحب فضل على لغتنا فحسب، بل لقد تفضل بذاك الكتاب حتى على القرآن نفسه، وذاك ما تقرر لديك، وحررته يداك، وجاد به قلمك!
ثم أنت مطالب عزيزي القارئ بالبقاء معنا، كي تكون على قناعة بما أوضحه المؤلف، ولن تتأتى لك القناعة إلا بقراءة ما قاله النحاة وإخوانهم بحق كتاب ربهم الذي أشركوا له بالعبادة مع الله، وقدموا كتابه على الكتاب العزيز له سبحانه، كقولهم: إنه بقدر ترقي العالم في فهمه (أي كتاب سيبويه) يرتقي بعلم التنزيل، وأحاديث الرسول، ويتمكن من فهم وحل مشكل الأقاويل. أو قولهم في ما معناه: عمل سيبويه كتابا على لغة العرب، جمع فيه أشعارهم وخطبهم، فجعله قسمين: بيناً مشروحا وآخر متشابها، وبذلك كان فضله على ما سواه، إذ خاطبك أيها العربي سيبويه بكتابه هذا كما خاطبك الله! ألا تتعدى المسألة هنا قضية التقديس والتبعية إلى قضية التأليه والعبودية؟ ألا يقدم هذا القول وسواه كقولهم: لن يكون لك حظ في علم التفسير والتحبير والتحرير، إلا متى كان كتاب سيبويه زادك ومركبك وسلاحك في طريق رحلتك العلمية تلك؛ سيبويهَ ذاتاً فوق بشرية؟
بلى. بل لقد امتنع المازني عن إقراء كتاب سيبويه لكافر، فكان بمستوى فوق إلهي، وكتابه فوق مقام كتاب الله، نعوذ بالرحمن من كل هذا الزيغ!
فكتاب الله فيه سورة الكافرون، وخاطب الله به كافرين وسمعه كافرون، وقرئ على كافرين، ولكن هذا كتاب سيبويه لا يجوز قراءته عليهم!
هل بعد هذه الصنمية صنمية؟
وهل بعد هذا كله من شك أننا اليوم بحاجة لإعادة النظر في كل ما حشاه هؤلاء في ذهنيتنا كمسلمات أسلمتنا إلى أسفل سافلين في كل شيء؟

أترك تعليقاً

التعليقات