معنى أن تكون علوياً
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لن تكون علوياً إلا متى ما آمنت بأن العدالة هي حقّ عامّ للناس وتمثّل الحدّ الأدنى ممّا يجب تأمينه لهم. وهذه المسألة تقوم على مغالبة الهوى عند الحاكم الذي يميل إلى خاصّته من أقارب وأصدقاء ومتزلّفين وغيرهم. وقد أوصى بها عليّ (ع) مالكًا بقوله: “أنصف الناس من نفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيّتك، فإنّك إلاّ تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجّته وكان لله حربًا حتّى ينزع ويتوب. وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإنّ الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد”.
ويوضح عليّ ذلك فيضيف: “إنّ للوالي خاصّة وبطانة فيهم استئثار وتطاول، وقلّة إنصاف في معاملة، فاحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال. ولا تقطعنّ لأحد من حاشيتك وحامتك قطيعة، ولا يطمعنّ منك في اعتقاد عقدة تضرّ بمن يليها من الناس، في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك في الدنيا والآخرة. وألزم الحقّ من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرًا محتسبًا، واقعًا ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإنّ مغبّة ذلك محمودة”.
أمّا في معاملة سائر الناس فيعلّم عليّ (ع) عامله بقوله: “ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإنّ في ذلك تزهيدًا لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريبًا لأهل الإساءة على الإساءة، وألزم كلًّا منهم ما ألزم نفسه”.
من أجل هذا «اعرف لكل امرئ منهم (الرعية) ما أبلى، ولا تضيفن بلاء امرئ إلى غيره، ولا تقصرن به دون غاية بلائه، ولا يدعونك شرف امرئ إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيرًا، ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيمًا».
تلك هي العلامات والشواهد لا غير.

أترك تعليقاً

التعليقات