هذا انكشاف.. لا مكاشفة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
أيها الحرُّ المؤمن بربه، والثابتُ على مبادئه، والملتزم منهاج العزة والحرية والسيادة والاستقلال؛ ضمن أمّةٍ توحدت على «نصرة دين الله» فكانت «مسيرة قرآنية» أزاحت السدود العرقية والمناطقية والمذهبية، حتى التقى الأحرار من أبناء الشعب على كلمة سواء، اسمها «ثورة 21 أيلول» ثورة الشعب، مستقر البنيان اليماني الكامل، مقام التقاء ماضي اليمن بحاضره، وصرح الإمساك بزمام مستقبله الكريم؛ يومَ أنْ رأى الشعبُ آماله وتطلعاته وحاضره ومستقبله بقائده المجاهد الشجاع الواسع الآفاق، الفاعل قبل القول، والواضع لقوة الشر والاستكبار تحت قدميه وقدمي شعبه، القوي بربه ومستضعفي أبناء وطنه، المخرج لليمن من زمن التيه تحت سياط الوصاية والتبعية، الجاعل من فقراء هذا البلد ومحروميه اليد القادرة على اجتثاث سلطة الأمركة، ولفيف عبيد أعراب ممالك البترودولار، فكان يمن الأنصار خلاصةَ اندماج الشعب بقائده، فتمت كلمة الثورة: «حرية واستقلال»؛ ولكن لم تقف ولن تقف الثورة عند ما تم، بل هي استمرار في الفعل، وكتاب من كل قلب يماني تم تأليفه. ولأنها بنت الشعب فإنها باقية ما بقي موجدوها، ومتجددة بتجدد الأيام والليالي والأحداث والتحديات؛ فإنني أوصيك بما يمليه عليَّ ضميري، وأبثك لواعج صدري، فيا ابن الأرض والهوية، والمسيرة، والثورة:
إياك واعتبار ما يسطره بعض الساسة، الذين يذيلون ما يكتبون بصفاتهم القيادية، ومقامهم التنظيمي، لكي يجروك إلى مربعهم الرمادي؛ مربع «البين بين»، مربع «النصف من كل شيء»، مربع أن تكون مع الثورة وضدها في آن معاً، مربع تجميد الدماء الثورية في العروق، مربع معرفة الخطر، لكن مع العمل على تمكينه من الفتك بوجودك ووجدانك، مربع التبليد للحس، مربع البعث على الانكسار، مربع تحويل كل ما راكمته من إنجازات، وحققته من تغييرات وانتصارات إلى مدخل لتحقيق الهزيمة...!
فإنك حين تصغي لهم، تثبت على نفسك الانقلاب على الأعقاب، والإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى بعد أن تبين الحق من الباطل. وحاشاك أن تتبع سبيل الناكثين والناكصين على الأعقاب، الذين يقولون: لا يجب أن نحارب اليوم لانتزاع حقنا واستعادة وحدتنا وثرواتنا المنهوبة، ويجعلون الدفاع عن اليمن المستهدف كشعب وجغرافيا ودولة وتاريخ وهوية، مشروطاً بجعل اليمنيين من صعدة حتى المهرة على قلب رجل واحد، بعد أن يجردوا الجيش من مسؤوليته، ويخلوا سبيل السلطة السياسية مما يجب عليها فعله.
إن مَن يسرد أمامك كل المخاطر التي تتهدد وجودك كشعب ووطن ودولة، ويريك الأعداء وقد تأهبوا للهجوم عليك بغرض استئصالك، وفرض العبودية والوصاية عليك، وجعلك مجرد هامش، أو حديقة خلفية لجارة السوء، ثم يقول لك: القرار بيدك، والاختيار لك كشعب؛ فإنه يستخف بقيادتك، ويستهين بجيشك، ويلغي وجودك كيمني حر، يده على الزناد، عيناه على العدو، في انتظار إشارة من سبابة سيد الثورة.
لقد شرب هؤلاء من نهر السلطة إلى الحد الذي جعلهم يقولون: لا طاقة لنا اليوم بالصهيوأمريكي، وأعراب البترودولار، والمرتزقة... فلا يهزنّك هذا الخطاب البليد، فقد قال الذين كانوا مع طالوت مثل قولهم، بعد أن انكبوا على النهر، ولكنهم لم يغيروا الواقع ما دام أن هناك قلة لم تسقط بعد بالامتحان، وما زالت مستعينة بالله، ثابتة على الحق، تؤمن أن الانتصارات الكبرى تصنعها القلة النوعية بإذن الله، لا الكثرة الغثاء.
والعجيب أن يطلق أصحاب هذا المنطق الرمادي اسم: مكاشفة على منطقهم السام والمميت هذا!
لا يا عزيزي؛ هذا انكشاف، لا مكاشفة.

أترك تعليقاً

التعليقات