لماذا يا أتباع مدرسة ابن أبي طالب؟
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لم تعد القوة محصورة في المجال العسكري ومتعلقاته، إذ تطور مفهوم الحروب واتسعت دوائر المواجهة، وبات من اللازم التحرك لإيجاد القوة الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والسياسية والتربوية والثقافية والإعلامية والفنية والأدبية والصحية، فكل ما له علاقة بحياتنا هو ساحة حرب وميدان مواجهة، وتغافلنا عن هكذا حقيقة سيكلفنا الكثير، ولربما لا سمح الله تأتينا الهزيمة الشاملة في الوقت الذي نعتقد أننا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى تحقيق النصر العظيم.
على كل الثوار والأحرار والمجاهدين حاكمين ومحكومين، قيادة وقاعدة؛ التسليم ومن واقع إدراكهم لتحمل المسؤولية: بضرورة السعيِ للبحث عن كل ما يسهم في تعزيز الوجود للروحية المنطلقة في ميدان كل عمل فيه صلاح لواقع الناس، ويعود بالخير عليهم، بدءاً بالحرص على التجديد في الأساليب المتبعة للقيام بأي عمل، مروراً بمسألة المواكبة لحركة الحياة بالمزيد من البحث عن الطاقات المنتجة، واستيعاب القدرات الخلاقة والعقول المبدعة، القادرة على أن ترتقي بالمجتمع إلى مصاف المجتمعات الأكثر تقدماً ونماءً، وصولاً إلى المرحلة التي يتم وفقها الخروج من دائرة الجمود، والتعاطي السلبي مع الأحداث ومتطلبات الحياة، وحالة الروتين الممل، التي لها في كل ناحية الكثير من الضحايا! فهناك من يعيش الاعتداد بمكانته العلمية والاجتماعية أو غيرهما من دون أن يفكر بتطوير خبراته وتوسيع معارفه وتنمية مداركه، وإنما يتلبسه الغرور ويعمي عينيه عن كل ما يجب فعله، وهناك مَن يتحرك في مجال وظيفته العامة التي تتصل بجانب خدمة الناس بتلك النفسية وذلك الأسلوب الذي لا تجد فيه أدنى ملامح التغير عما كان عليه الحال لديه قبل سنوات من اليوم، وهناك من يظل مستريحاً لما تم إنجازه في فترات سابقة، جاعلاً له حجر الزاوية التي لا شيء بعدها، متجاهلاً كل الأمور والقضايا التي تستجد في كل يوم ولا يكلف نفسه القيام بفعل شيء مهما كان ذلك ضرورياً في الحد من خطر قد يتسبب بالهدم لكل المكتسبات على رؤوس الجميع.
كما يجب أن نعي جميعاً: أننا ننسب أنفسنا لمدرسة الإسلام المحمدي الأصيل؛ المدرسة التي يمثلها أمير المؤمنين وصالحهم، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي نتولاه، وولايته توجب علينا أن نجسد منهاجه كله، ولا نكتفي بأن نأخذ منه (عليه السلام)، سيفه فقط، كون الاكتفاء بذي الفقار حتماً سيجعل اليد التي تمسك به والإرادة والفكر اللذين يقفان وراء حركته يدَ وإرادةَ وفكرَ معاوية، وهكذا نصبح سائرين دون أن ندري في الخط الأموي الطلقائي كبديل عن الخط العلوي المحمدي الإلهي المعبر عن الإسلام الأصيل والمجسد لمفاهيمه الواضحة، الإسلام الذي لا يسعى لفرض نفسه بقوة السلطة، واتباع سياسة التلقين، وإنما بقوة الحجة واعتماد سياسة الحوار التي تفتح المجال أمام العقل كي يفكر وأمام الإرادة كي تختار الأمر الذي يجعل مَن يؤمنون به ينطلقون في رحابه عن يقين وقناعة لما يجب عليهم أن يلتزموه ويسيروا عليه.
أليس من العار علينا أن نجد في واقعنا مظلوماً سمعت بمظلوميته الدنيا، واطلع عليها كل المعنيين بالمسؤولية في الدولة، ومع ذلك مر أكثر من سبع سنوات ولم نجد لرفع هذه المظلومية التي وقعت على هذا المظلوم سبيلاً؟
لماذا يا أتباع مدرسة ابن أبي طالب؟
فقط لأن ظالم هذا المسكين شخصٌ قد عُرِفَ بين الناس بالسبق الزمني في التحرك بصف الحق، والدفاع عنه وتحمل كل المعاناة والآلام والتعب في سبيله، وبغض النظر هل لايزال على ذلك أم لا فأبو هريرة موجودٌ وكذلك كعب الأحبار، مع زمرةٍ لا بأس بها من القصاصين والوضاعين والإخباريين، في كل زمانٍ ومكان، إلا أن زماننا قد أضاف إلى هؤلاء جماعات ومجموعات جديدة، بما يتناسب ولغة العصر الذي نعيشه، وبما ينسجم ومتطلبات الفساد والمفسدين الجدد، فحديث «ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم» لم يعد حكراً على الرواة والمتحدثين باسم الدين، بل أصبح معمولاً به لدى الكتاب والصحفيين والإعلاميين والخطباء والشعراء والناشطين، لأن شورى التجار كما يسميها مظفر النواب (رحمه الله) تحتاج إلى مثل هكذا حديث لكي تصير كل تصرفات أصحابها مطبوعة بطابع شرعي وذات صبغة دينية كي يتقبلها الناس ولا يجرؤوا على انتقاد أي منها؟!

أترك تعليقاً

التعليقات