فلنبدأ من حيث بدؤوا
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
جميعنا يعلم: أن غياب النموذج المجسد للدين في مراحل ليست بالقصيرة من تاريخنا القديم والحديث، قد دفع بالكثيرين إلى البحث عن ثقافات ومناهج بشرية، لتسيير شؤون حياتهم المختلفة، بعد أن استقر في وعيهم أن الدين لا يستطيع أن يقدم شيئاً للحياة، ولا يملك ما يؤهله لقيادة البشرية، وتوجيهها سياسياً واجتماعياً وعلمياً واقتصادياً وغير ذلك، الأمر الذي أوقعنا في حبائل التبعية للآخر الغربي، وجعلنا نتبنى سياسته وفكره ومفاهيمه في كل شيء، وإذا ما أردنا الخروج من هذا الواقع المظلم، الذي خلف في أوساطنا أمراضاً لا تُعد ولا تُحصى، وصنع في واقعنا جميع المشاكل والأزمات، وبذر في نفوسنا بذور الشعور بالنقص، الناتج عن الهزائم المتتالية التي تلقيناها في أكثر من جبهة وميدان، على طول المساحة الجغرافية التي تحتضن الأمة الإسلامية وعرضها، إلى جانب الانكفاء والتراجع الفكري والحضاري، والعجز عن مواكبة الإنسان في ما جد لديه من أحداث وتحديات وعلوم ومعارف، فإن علينا: البدء من حيث بدأ أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام أجمعين، الذين كان من أبرز أهدافهم وهم يعملون ويتحركون بكلمات الله، وفي سبيله، ومن أجل عباده ثلاثة أهداف كما ذكر القرآن الكريم، هذه الأهداف هي:
1. السعي لإقامة القسط بين الناس، وإرساء قواعد العدالة في واقعهم، على أساس الحق، الذي تضمن الوحي كل مفرداته، ورسم الخطة العملية لتنفيذه على الأرض، وقد سجل لنا القرآن الكريم مدى الجدية والإخلاص والتفاني الذي صاحب حركة الأنبياء في سبيل تحقيق هذا الهدف، وطبيعة الجهات والقوى التي واجهوها إلى جانب المستضعفين والفقراء والمحرومين، الذين كانوا ولايزالون عماد التغيير ولبنة البناء لأي مجتمع، ولا صلاح للحياة من دونهم.
2. العمل على هداية المجتمعات، وتزكيتهم، وتعريفهم بآيات الله، واحتضان كل مشكلاتهم وهمومهم، والقرب من كل ساحاتهم وطبقاتهم، والتعامل معهم بكل محبة ورفق، لأن القضية قضية تغيير وبناء، ومادامت كذلك فإن الطريق لتفعيلها هو: امتلاك قلوب المخاطبين، قبل مخاطبة عقولهم، وإذا ما أُغفل هذا الطريق، واتجهنا لفرض قناعاتنا بهيبة السلطان وقوة السيف، فإن كل ما سنفعله، وإن بدا لنا اليوم مرضياً وطيباً، فإن أبسط اهتزاز، أو حركة للرياح لكفيلٌ بالقضاء على كل ذلك، وتحطيمه، وكأنْ لم يكن من حيث الأصل.
3. إزالة كل العقبات، والمعوقات، والعراقيل التي تحول دون بلوغ أي فرد من أفراد المجتمع مرحلة السمو والكمال الإنساني، سواءً كانت تلك العقبات والمعوقات والعراقيل ناشئة عن قصور سياسي أو فكري، أم ناشئة عن وجود خلل نفسي أو اجتماعي.

أترك تعليقاً

التعليقات