ما أهدره المزرون
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لن ينتفع ساسة ومسؤولو الدولة، في حكومة التصريف، وحامو حمى الوضع المزري مما يُقدمه لهم سيد الثورة من هدى الله، ومَن مسخ وأمات سلسلة دروس شرح العهد، وأضاع محاضرات الوصايا العشر، وتنكر لوصية الإمام لابنه الحسن، وحول كل تلك الأسس الكفيلة ببناء الواقع، وتحقيق النهوض والتقدم والرقي على كل المستويات؛ إلى معاول للهدم لن تجدي معه وفيه دروس قبسات من نصوص وحكم الإمام علي عليه السلام. ولكن الأمل في خلص هذا المشروع، ورجال الثورة والجهاد، فهم الأذن الواعية، والقلب السليم، واليد التي ستحمي وتبني.
لقد أحال المزرون العهد من منظومة تحقق العدالة، إلى مدونة تشرع للظلم، وتحمي الفساد، ولو كان فيهم ذرة من عقل وإيمان لأعطوا هذا العهد حقه.
فعادة دراسة أي حدث تاريخي أو وثيقة تاريخية تفرض على الباحث دراسة لوازمها، كقائلها ولمن قالها ولماذا قالها وما هدفه، هذا فضلا عن الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة في تلك الوثيقة، حتى يمكن للباحث الخروج بدلالات إجمالية حول تلك الوثيقة أو الحدث.
ووثيقة كالعهد الثابت صدورها عن الإمام، تعتبر من الوثائق التاريخية السياسية والاجتماعية الهامة التي تؤسس لمقومات وسمات إجمالية للعدالة، وتؤسس لمنهج للحكم والحكام ومن في حاشيتهم، يعتبر منهجا مدخليا ومقدميا هاما لتحقيق العدالة، وهو وسيلة صالحة في تحقيق الهدف، وتضع قيمة للحق وليس للأشخاص، بحيث يكون الحق معيارا لتقييم الأشخاص، وليس العكس.
وقد ركز العهد في توجيهات الإمام على عدة نواح فرعية وأساسية كلية، الفروع فيها تصنف تحت كل عنوان كلي وفق تبعيتها له من عدمها:
طبقة السلطة ومنظومة الواجبات الوظيفية، ومنظومة الحقوق الخاصة بهذه الطبقة بكل مراتبها، وأسس معيارية مرجعية ضابطة للسلوك وكيفية الاختيار ومجموعة العقوبات الخاصة بالمخالفة.
السياسات الاجتماعية، والتنظيم الطبقي للمجتمع، ومناهج السلوك بين الحاكم والرعية و ضوابطها ومعاييرها، والعقوبات الخاصة بمخالفة الضوابط والمعايير سواء عقوبات خاصة بالرعية، أو عقوبات خاصة بالطبقة الحاكمة في حال إخلالها بواجباتها وبمنهج تحقيق العدالة في المجتمع.
السياسات القضائية، ومعايير الاختيار والضوابط الناظمة، وطرق الحماية والاكتفاء الذاتي، وآليات تحقيق الأمن والعدالة، وعقوبات المخالفة للحاكم والقضاة.
السياسات المالية، والنظم الاقتصادية التي تحقق العدالة، وآليات صرف المال من بيت مال المسلمين بما يحقق الاكتفاء والكفاية والرفاه الاجتماعي لكل طبقاته وأفراده، وكيفية حماية المال من الهدر والفساد.
نعم لقد أضاع المزرون بتضييعهم للعهد المنهج السياسي في بناء الدولة العادلة، ولو أنهم كانوا معبرين عن المشروع، وصادرين عن الثورة للمسنا انتماءهم في الواقع من خلال ترجمتهم للعهد في المجالات أو الجوانب التالية:
- الجانب النفسي والتركيز على عدالة النفس واعتدالها، وعلى الضبط وفق قواعد الحق والإنصاف.
- الجانب الاجتماعي المتمثل بالشعب والمحيط الخارجي للحاكم، حيث يتم التركيز على المساواة في أدق تفاصيلها، لدرجة طلب الإمام من مالك المساواة في النظر بين الجميع، حتى لا يظن أحدهم بتفاضله على الآخر فيحدث في نفسه أثرا يوهمه بتميزه عن غيره، وعلى تحقيق العدالة الشاملة في كافة مستوياتها، وبناء مجتمع متضامن يشكل نواة الجماعة الصالحة التي تعاضد الأنوية الأخرى المنتمية للدولة الإسلامية، لتشكل بمجموعها الأمة الهادية والمهدية.
- الجانب القضائي الذي يمارس دوره في حل مشاكل الناس، ويفصل في منازعاتهم، وأيضا يستقبل شكاوى الناس عن الحاكم وجهازه وينظر فيها بإنصاف وعدالة، وكيف يجب تحصين جبهة القضاء سواء تحصين ذاتي لأفرادها بتوفير الاكتفاء المادي، واختيار القضاة وفق معايير دقيقة تنظر لتقوى القاضي وانضباطه الشرعي وفق حكم الله لا فقط لشهادته وحصيلته العلمية والخبروية، أو على المستوى الخارجي بتوفير الأمن والحماية والتحصين الذي يقلل من مخاطر الاختراق وشراء الذمم وتحريف الأحكام عن مسار الحق والعدالة.
- الجانب الاقتصادي المتمثل ببيت مال المسلمين، وكيفية الحفاظ على هذه الأمانة، و أهمية نزاهة كف الحاكم في ردع الآخرين عن التسلق على أموال المسلمين.

أترك تعليقاً

التعليقات