الحسيني بحق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
إن معنى أنْ تكون حسينياً؛ أن تمتلك الرشد ومعالم وصفات زعامة الحسين عليه السلام، لكي تستطيع تشخيص الواقع وتعرف ما يستلزم عليك فعله دون أن تنكث بيعة الحسين عليه السلام، فاختلاف الرؤى الكونية سيؤدي لاختلاف الأيديولوجيات وبالتالي السلوك، واختلاف الأهداف حتما سيؤدي لاختلاف المنهجيات والنتائج.
وما يمارسه المزرون إدارةً وإعلاماً وقرارات وسلوكاً اليوم يثبت بشكل جلي أن هناك انقلابا على الأعقاب من قبل الذين أغرتهم المواقع في السلطة والأموال، وهكذا سيسقط كل من خذل الحسين، في الكوفة ممن كانوا من أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
إن هؤلاء لم يحثوا الخطى لامتلاك الرشد والوعي الذي يمكنهم من عدم التعثر في الطريق أثناء الفتن المظلمة، لأن مَن كان منتمياً لهذه المدرسة، وهو  في مواقع متقدمة قبليا وله تشابكات مصالح مع القبائل والسلطة، فهو حتما سيتعثر وينقلب ويخذل الحسين، الذي يجسد مدرسة الحق في مواجهة الظلمة والطواغيت والمتلبسين بلباس الدين ونخب السلطة وفقهائها في كل زمان ومكان.
من هنا يتضح أن الشعار وحده لا يكفي كدليل على الانتماء لخط القيادات الربانية، لأن كثيرين من أهل الكوفة رفعوا شعارات وبكوا على الحسين عليه السلام، ولكن قلة قليلة من نصره في ميدان كربلاء، وهذه القلة هي القلة الراشدة الواعية المدركة لرسالة الإمام الحسين، وموقعيته في المشروع الإلهي، وهذا هو المطلوب.
هذا فضلا عن أن الانتماء لمدرسة الحسين عليه السلام وتحت زعامته لا يكون إلا عن معرفة وإدراك ووعي، أي قائما بالفكر والعقل، لا بالشعار والعاطفة، لأن الفكر والمعرفة هما منبع العواطف، فمن زادت معارفه زادت عواطفه كما ينقل في الأثر. فالفكر أساس في تشكيل البنى المعرفية للإنسان وتوجيه سلوكه وتحقيق إيمانه واعتقاده، لذلك يثبت في التصدعات الكبيرة أولئك الذين ترسخت أفكارهم في قلوبهم، وأصبحت إيمانا، تهتز منه الجبال ولا يهتز صاحبه.
نعم؛ ليس كل من يرفع شعارات كربلاء ويتحدث بمبادئها بالضرورة يكون حسينيا في أهدافه وأدواته، لأن حقيقة الإصلاح الذي قدمه الحسين عليه السلام تصدى هو بنفسه للميدان فيه، وقدم فيه عياله وأصحابه وأهله ونفسه، ومن يرفع شعارات الحسين، ويجلس خارج الميدان، ويبتعد بعياله وأهله عن الواقع المعاش وعن المشاركة في حركة التغيير خوفا على حياته ومصالحه، علينا التشكيك في شعاراته ومراداته، لأن الحسيني يقدم في سبيل غايته كل ما يملك، لا أنه يستأثر بشيء لنفسه أو لأهله أو لمن يحب بما لا يتوافر عليه الشعب المضطهد.
هذا لا يعني الابتعاد، بل يعني أن أي تصد في الدولة يجب أن يكون جسرا لإحقاق الحق ودفع الباطل ورفع الظلم وتحقيق العدالة، لا أن تصبح السلطة غاية وليست وسيلة ويتحول الإنسان لأداة في تلك السلطة لتمكين الطغاة والظلمة.
إن الحسيني بحق هو ذلك الذي يمتاز بصفات وخصائص أهمها:
1. النباهة: النباهة الفردية والاجتماعية التي تؤهل الفرد والمجتمع لكي يعي واقعه ولحظاته التاريخية ويستطيع أن يشخص مكامن الخلل لينهض ويضع الحلول المناسبة وهي الخطوة الأولى في تحديد الخلل.
2. الرفض: رفض العبودية لغير الله وبالتالي رفض تسلط الحكام واستبدادهم وهو ما سيكون له عظيم الأثر في نشر العدالة ودرء الظلم وهي الخطوة الثانية في الحراك الحسيني.
3. الإصلاح والتغيير: وهو ما يتطلب مقدرة على تشخيص الوسائل والآليات السليمة في الإصلاح وإحداث التغيير الذي يحقق غايات النهضة والثورة حتى لو بذلت في سبيل ذلك أغلى الدماء والأنفس.

أترك تعليقاً

التعليقات