أبرز الحقوق بنظر علي
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كان الإمام علي ولايزال الحجة على المسلمين، وخصوصاً شيعته، ولن يكون المرء قرآنياً رسالياً علوياً، وقبل ذلك كله إنساناً؛ إلا متى ما عمل على صون حقوق الناس، وحفظ دمائهم وأعراضهم، وبذل كل ما لديه لتحريرهم من الاستعباد، وتخليصهم من الاستبداد.
أنْ تكون علوياً معنى ذلك أن تنعكس حركتك في الواقع، ويلمس كل إنسان في مجتمعك آثار ونتائج حركتك، وذلك عندما يرى أنه يعيش في كنف رسالي، يضمن له الحصول على الحقوق الشخصية، وأهمها: الحقّ بالحياة، السلامة الجسميّة، حرمة الحياة الخاصّة، حرّيّة الحركة.
ففي الحقّ بالحياة يخاطب عليّ (ع) مالكًا (رض) فيقول: «إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها، فإنّه ليس شيء أدعى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة، من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوينّ سلطانك بسفك دم حرام، فإنّ ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله. ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، لأنّ فيه قود البدن».
وفي السلامة الجسميّة أي حرمة التعذيب، فقد حرّم علي (ع) ممارسة العنف من قبل السلطة على الناس بدون وجه حقّ. ففي القضاء، المتهم لا يجوز تعذيبه مهما كانت تهمته. فحتّى في تهمة القتل، قضى علي (ع) بـ»التلطّف في استخراج الإقرار من الظنين»، ثمّ هو رفع العقوبة عن المقرّ، إذا كان إقراره نتيجة لعنف على شخصه أو ماله، أو نتيجة لتهديد، فكان يقول: من أقرّ عن تجريد أو حبس أو تخويف أو تهديد فلا حدّ عليه.
وحتى في حال ثبوت الجريمة وإنزال العقاب، فإنّه يجب عدم التجاوز. فقد كان علي (ع) يعرض السجون كلّ يوم جمعة، فمن كان عليه حدّ أقامه عليه، ومن لم يكن عليه حدّ خلّى سبيله.
أمّا في حال التهمة، فكان عليّ (ع) لا يسجن على ذمه التحقيق إلّا متّهمًا بدم، كما كان لا يسجن بعد معرفة الحقّ وإنزال الحدود، لأنّ الحبس بعد ذلك ظلم.
وأما في حرمة الحياة الخاصّة يعلّمنا عليّ (ع) أنّ للناس حرمة في حياتهم الخاصّة، فلا يجوز للوالي ولغير الوالي أن يتجسّس عليه، بل له الحساب على ما انكشف: «إنّ في الناس عيوبًا الوالي أحقّ من سترها. فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها. فإنّما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم على ما غاب عنك. فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحبّ ستره من رعيّتك... وتغابَ عن كلِّ ما لم يظهر لك».
وأخيراً فقد ربى الإمام مجتمعه وشيعته على التمرّد على العبوديّة، يقول عليّ (ع): لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرّاً. يخاطب عليّ كلّ إنسان يُعرَّض للاستعباد طالبًا إليه التمرّد، وهنا يحمّل عليّ (ع) مسؤوليّة للإنسان الذي يُمارَس عليه الاستعباد، فعليه ألّا يرضخ فيكون آثمًا، إذا استطاع أن يقاوم بطبيعة الحال، لأن لا أحد يكلّف بمحال. على أنّ العبوديّة ليست فقط الاسترقاق، بل تتجلّى بأوجه أخرى، منها مثلًا مصانعة القويّ أو صاحب السلطة خوفًا أو طمعًا، فعليّ (ع) يقول: اعلموا أنّ يسير الرياء شرك.. والشرك هو التعبّد لغير الله، بحيث تجعل نفسك عبدًا لمخلوق تسايره على حساب الحقيقة.

أترك تعليقاً

التعليقات