واجبنا أمام النفاق العالمي
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يكاد يخلو خطاب من خطابات سيد الثورة والجهاد من التأكيد على: الحفاظ على السلم الاجتماعي، والحث على تعزيز التعاون والترابط والتماسك والأخوة بين مختلف الفئات والمكونات الشعبية للبلد، والعمل على محاربة الشائعات والأكاذيب التي تهدف لإثارة الفرقة والاختلاف، وتسعى لزرع بذور التنازع والتناحر، وتشجع على إشعال فتيل العداوة والبغضاء، وذلك لإدراكه أن العدو الإمبريالي الصهيوني الأمريكي الغربي المستكبر عندما يعجز عن فرض إرادته بالقوة الخشنة على أي مجتمع من المجتمعات، يلجأ إلى استخدام الأساليب الناعمة، التي تستند بالدرجة الأولى على سياسة اللعب على التناقضات الموجودة في الوسط الشعبي، مستغلا الظواهر السلبية هنا وهناك، والتي يقوم باستثمارها لصالحه، عن طريق توظيفها بما يخدم سياسته الاستعمارية، ويسهل له الوصول إلى تحقيق أهدافه التي يأتي في مقدمتها القضاء على التحرك الثوري التحرري من أقرب طريق وبأقل الخسائر الممكنة، ولاسيما ونحن في محور المقاومة والجهاد لانزال متأخرين جداً في الجانب الفني والإعلامي، ولم نستطع إلى الآن النهوض بإعلامٍ موازٍ للإعلام الغربي، ومناهضٍ لسياساته، وكاشفٍ لكل أكاذيبه، الأمر الذي دفع الاستكبار العالمي وكافة أدواته لملء هذا الفراغ، ومن ثم توجيه الجمهور المتلقي نحو الاتجاه الذي يريدون، مستغلين وجود العاطفة الجياشة الخالية من أدنى تقيد بأحكام العقل، والنزعة الانفعالية ذات التأثر السريع بكل ما ترى وتسمع، دون أن يكون لها خيار أو إرادة في القبول لشيء والرفض لشيء آخر، وإنما هي مجبرة على تبني كل شيء كما هو، ودون نقاش، مع العلم أن شبكات التواصل الاجتماعي كان لها الإسهام الأكبر في تسطيح العقول، لنجد أنفسنا مع الزمن أمام تشكل حالة إنسانية جديدة، هي عبارة عن كيان مركب من عنصرين هما: الإنسان والآلة، هذا التمازج كما يقول أحد الباحثين: جعلنا نشهد وجود الناسوب الذي ليس بالإنسان المحض، ولا بالحاسب الآلي أو الروبوت المحض، وإنما هو مزيجٌ من هذا وذاك.
علينا أن نسعى لكشف النفاق العالمي الذي بات حاكماً على السياسة والإعلام وموجهاً للأفكار، وصانعاً للقناعات بالشكل الذي يخدم السياسات والخطط والبرامج الاستعمارية الأمريكية، وليست قضية المواطنة الإيرانية مهساة أميني إلا شاهد من الشواهد الموضحة لسياسة الكيل بمكيالين، في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان من وجهة نظر العولمة الغربية، التي لا ترى إلا ما يحلو لها بهذا الخصوص، ويسهم بإنجاح مشاريعها في السيطرة على مقدرات الدول واحتلال البلدان وإخضاع الشعوب والمجتمعات، إذ نرى عدالتها المزعومة لا تحرك ساكناً إزاء ما تلقاه الكثير من الشعوب من قتل وتجويع وحصار على يد أمريكا وأدواتها، بينما نراها تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يحصل خطأ فردي بقصد أو بدون قصد بحق إنسان واحد، في الدول المناوئة للسياسات الصهيونية والأمريكية، إلى الحد الذي جعل العجوز «بايدن» يعلن وقوفه إلى جانب مَن سماهن المناضلات في الجمهورية الإسلامية، ومن على منبر الجمعية العامة، وكذلك فعلت وزارة خارجيته، بينما لو سألت هؤلاء: عن المواطنة العراقية زينب ماجد، أليست إنسانا؟ ألا تجب محاكمة الجيش الذي قتلها؟ ألا تستحق مظلوميتها الحضور في منابر الإعلام، ومنظمات حقوق الإنسان؟ أم لأن القاتل أمريكي فإن على الكل بلع لسانه وكأن شيئاً لم يكن؟
لقد أرادت أمريكا من خلال قضية أميني أن تقول لكل المعادين لتوجهاتها والمتصدين لمشاريعها الهدامة: إما الاستسلام لما أريد، أو انتظروا الفوضى والتخريب التي ستتفجر من الداخل المجتمعي لكم، ليس هذا فحسب، بل لقد وجدت أمريكا نفسها أمام تصاعد قوة محور المقاومة ولاسيما في اليمن وحزب الله، بحاجة ماسة لفعل ما يوجد حالة من الشعور بالاهتزاز والضعف لدى جميع قوى المحور، وذلك من خلال استهداف المثل الأعلى المتمثل بالجمهورية الإسلامية، ولكن باء ذلك بالفشل، نتيجة الخروج المليوني للشعب الإيراني المدافع عن ثورته، فارتدت المسألة عكسياً على الأمريكي، إذ ظهر أمامه البعد الذي يعزز الوعي بمصدر القوة القادرة على مواجهة كل الرهانات التدميرية لأنظمة ثورية ومقدرات ومكتسبات شعوب مقاومة وحرة ومجاهدة، انطلقت من وحي: الله أكبر.

أترك تعليقاً

التعليقات