حكاية سفير الخونة الإعلامي باختصار
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
من أي أرومة حيوانية ينحدر؟ وعن أي منهجية فكرية يعبر؟ وأي صفاقةٍ ووقاحةٍ وجرؤة يمتلك حتى استطاع أن يقف كل هذه المواقف المشينة؟
إنه يا سادة: شخصٌ لا يرى نفسه في خانة المرتزقة والعملاء، ولكنه يدافع عنهم، ويتبنى رؤاهم وأفكارهم، شخصٌ عد نفسه ضمن الصامدين والأحرار، ولكنه لم يدع شاردةً ولا واردةً بمقدورها أن تسهم في تشويههم، والحط من قدرهم، وإثارة السخط عليهم إلا وأتى بها، شخصٌ قال يوماً: إن وجود اللعنة على اليهود ضمن شعار وصرخة الأحرار يمثل حجر عثرة في طريق التكامل الإنساني، كما يعد شكلا من أشكال التهديد للتعايش السلمي بين البشر، فاليهود حسب زعمه ليسوا سواء! وكأنه لم يقف لحظةً على الذكر الحكيم، ويتأمل في سياق الآيات التي بينت طبيعة نفوسهم، وأوردت شيئاً من تاريخهم، وتعرضت لممارساتهم وأعمالهم الرامية إلى تعميم الفساد والإفساد في الأرض، وحذرت من الركون إليهم، كما دعت لاتخاذهم أعداء، من منطلق المعاملة بالمثل، فهم أشد الناس عداوة للإسلام والمسلمين، ثم لو نظرنا إلى الواقع المعاصر، فهل سنجد هنالك يهودا أثبتوا عملياً أنهم لا يستحقون اللعن؟ ذاك ضرب من المستحيل ذاته، فهم لا يحلون بأرض إلا ويحل معهم القتل والدمار والخراب، ولا يجد المتتبع لكل الكوارث والمجازر والحروب وعمليات التهجير والسلب والنهب، والإبادات العرقية والمناطقية، وسياسات الإفقار والتجهيل، ونشر الأوبئة التي طالت الوجود الإنساني برمته، إلا ووجد أن لليهود يداً في ذلك، تخطيطاً وتنفيذاً ودعماً ورعايةً.
لقد كنت أقف حائراً أمام ما يثيره من قضايا وأفكار كلما حقق المجاهدون في الجيش واللجان انتصاراً، أو أقدمت الجوصاروخية على تنفيذ عملية في عمق العدو، أو تم الإعلان عن دخول سلاح جديد الخدمة، أو احتفى اليمانيون بذكرى حدث معين أو مناسبة ما، إذ كان يقدم على التقليل من أهمية كل ذلك، ويكثر من الحديث عما يقاسيه معظم أبناء المجتمع من معاناة وجوع وفقر وبطالة، وكنت أسأل نفسي:
هل فعلاً أن هذا الشخص يهمه حال عامة الناس، أم أنها إثارات مَن لا يقدرون الحرية والسيادة والاستقلال حق قدرها، ولا يعون ما معنى أن تقف بوجه قوى الاستكبار، وتتصدى لكل محاولاتهم في استعبادك واحتلال أرضك ونهب ثرواتك؟ فأيهما أحب وأرغب لدى كل إنسان سوي: أن يجوع لفترة زمنية، فتسلم له بعد ذلك الجوع كرامته وأرضه وقيمه ومبادئه ومقدساته وأفكاره وإنسانيته ومعتقداته، أم أن يتنازل عن كل هذه المقومات في سبيل الحصول على كسرة خبز يشبع بها جوع معدته؟ إنها المعادلةُ التي لا يحسب حسابها إلا الشرفاء العظماء الواعون المستبصرون المؤمنون بالله الإيمان الخالص.
وما إن جاءت الهدنة حتى ظهر لي حقيقة ما يسعى إليه هذا المسخ وأمثاله، إنه يبشر بعودة الخونة حكاماً، وشركاء في شؤون الحكم والسياسة، ويرى الثورة تعبيراً عن رغبة طائفة في الوصول للسلطة، لذلك لا مانع عنده من أن يتقاسم الثوار مع الخونة كعكة الوطن، ويتفاهموا على الآلية التي تضمن الربح والمنفعة للجميع، بل يقول: لن يقبل المجتمع الدولي بنا إلا إذا قبلنا بعودة الزمن إلى ما قبل 21 أيلول 2014، ولتذهب تضحياتنا وآمالنا ومنهجيتنا وقيمنا وقضيتنا وأهدافنا إلى الجحيم!
أما ما يثير الدهشة هو: عندما تجد هذا الشخص يتحدث عن أخلاقيات وعدالة وسعة آفاق المسيرة القرآنية، وذلك عندما يتعلق الأمر بالتبرير لقرار تعيين الإخونجي أبو أردوغان قائد المنطقة الأمنية في التعزية! أما في ما عدا ذلك فهي: التطرف والمذهبية والانغلاق والتحجر، وكل ما يخطر في ذهنك من أوصاف سيئة!
تلك هي حكاية سفير إعلام الخونة باختصار، الذي يعمل حتى الساعة في الإعلام الأمني.

أترك تعليقاً

التعليقات