تعز.. فرص السلام الضائعة
 

محمد عبده سفيان

كان أبناء محافظة تعز داخل الوطن وخارجه ينتظرون بفارغ الصبر حلول شهر رمضان المبارك، وخصوصاً المهجرين والمشردين قسراً منذ مارس 2015م، حيث كانوا يتطلعون بآمال كبيرة أن يتم البدء بتنفيذ بنود ومضامين مبادرة السلام المجتمعية التي كان قد تم الاعلان عنها في أبريل المنصرم، بحلول شهر الرحمة والمغفرة -رمضان المبارك.
كان أبناء تعز ينتظرون بفارغ الصبر أن يتم مع اليوم الاول وقف المواجهات المسلحة في كافة الجبهات بمدينة تعز ومديريات المحافظة التي تشهد مواجهات مسلحة، وأن يتم فتح جميع المنافذ المؤدية من وإلى مركز المحافظة (مدينة تعز) والمديريات أمام حركة تنقل المواطنين وحركة التجارة وإدخال المواد الغذائية والاستهلاكية والطبية والدوائية والمساعدات الاغاثية بكل يسر وسهولة، لكن شئياً من ذلك لم يحدث، بل حدث العكس، فقد عمد تحالف العدوان السعودي إلى إفشال مبادرة السلام قبل إقرارها والتوقيع عليها من كافة الاطراف، وذلك من خلال دفع المليشيات المسلحة التابعة للموالين له من مختلف الفصائل الى التصعيد بشكل غير مسبوق في مختلف الجبهات، وخصوصاً جبهات مدينة تعز، وتحديداً الجبهة الشرقية، والجبهات في مديريتي المخا وموزع ومنطقة الكدحة بمديرية المعافر، وتعزيز تلك المليشيات بالمزيد من العتاد العسكري والمقاتلين والمرتزقة السودانيين، وتكثيف الغارات الجوية من قبل الطيران الحربي وبدون طيار ومروحيات الاباتشي التابعة للعدوان السعودي.
كان سكان مدينة تعز وأبناء المحافظة بشكل عام ينتظرون بفارغ الصبر الاعلان عن تنفيذ مبادرة السلام المجتمعية مع حلول شهر رمضان المبارك الذي تطلعوا بآمال كبيرة الان يستقبلوه هذا العام بالفرح والسرور بتوقف نزيف الدم والخراب والدمار جراء الحرب المجنونة، وإحلال السلام والامن والاستقرار، ولكن تجار الحروب الذين يتاجرون بأرواح اليمنيين ويقبضون ثمن الانفس التي تزهق والدماء التي تسفك أموالاً مدنسة عداً ونقداً من حكام مملكة بني سعود وإمارات الخليج، أبوا إلا أن يتم استقبال شهر الرحمة والمغفرة بالمزيد من إزهاق الارواح البرئية والمزيد من سفك الدماء الزكية.. ففي الوقت الذي كانت فيه اللجنة المجتمعية تبذل الجهود المكثفة مع كافة الاطراف للموافقة على مبادرة السلام وتوقيعها وتشكيل اللجان المعنية والتي ستناط بها عملية التنفيذ الميداني، كان تجار الحروب يعقدون صفقة قذرة مع أسيادهم قادة تحالف العدوان على وطننا وشعبنا لافشال مساعي إحلال السلام في تعز المنكوبة بالعدوان والحرب المجنونة والفتنة الملعونة، حيث قاموا قبل أيام قليلة من حلول شهر رمضان بشن الهجمات الكبيرة على المناطق والمواقع التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية، معززين بمختلف أنواع العتاد العسكري الحديث والمتطور، ومسنودين بغطاء جوي مكثف من قبل الطيران الحربي المعادي، والنتيجة مزيد من الدماء الزكية سفكت ومزيد من أرواح المواطنين الابرياء بينهم أطفال ونساء أزهقت بغارات طيران العدوان وأيضاً ضحايا المواجهات المسلحة في مختلف الجبهات، وخصوصاً في مدينة تعز ومديريات مقبنة والمخا وموزع والمعافر ووادي الضباب، ولم يحقق تحالف العدوان والمليشيات الموالية له أي تقدم على الارض.
عمد تحالف العدوان والموالون له إلى تنفيذ الزحوفات وشن الهجمات على المواقع والمناطق التي تحت سيطرة الجيش واللجان في مختلف الجبهات، وبإسناد جوي مكثف، في وقت واحد، بهدف تشتيت قدرات الجيش واللجان الشعبية، وكان أكبر الزحوفات على موقع القصر الجمهوري ومعسكر التشريفات التابع له شرق مدينة تعز، وتمكنوا على مدى أسبوعين من الوصول الى أسوارهما وإلى البوابة الغربية للقصر، ولكنهم عجزوا عن الدخول والسيطرة عليه بسبب الصمود الاسطوري الذي أبداه أبطال الجيش واللجان رغم الفارق الكبير في العدد والعتاد، ورغم القصف المدفعي والاسناد الجوي المكثف للمهاجمين، إلا أنهم لم يتمكنوا من الصمود أمام عدد محدود من أبطال الجيش واللجان الذين أجبروهم على الانسحاب والتراجع إلى مسافة بعيدة بعد أن تكبدوا خسائر فادحة في الارواح والعتاد.
أكثر من عامين وقيادات المليشيات المسلحة الموالية لتحالف العوان يستميتون في السيطرة على القصر الجمهوري ومعسكر التشريفات شرق مدينة تعز، ولكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، ولا ندري لماذا كل هذا الاصرار على احتلال القصر ومعسكر التشريفات، الان احتلالهما لن يغير في الامر شيئاً، فإذا كانوا على مدى عامين لم يتمكنوا من الوصول إليهما، فكم سيحتاجون من الوقت ليصلوا إلى معسكر الامن المركزي وجولة القصر؟!
مختصر الكلام هو أن التصعيد الكبير الذي عمد إليه الموالون لتحالف العدوان قبل حلول شهر رمضان المبارك، الهدف منه هو إفشال الهدنة الإنسانية التي كان سيتم إعلانها خلال الشهر الكريم، وإفشال مبادرة السلام المجتمعية كما حدث سابقاً من إفشال للهدنات الانسانية المماثلة ومبادرات السلام العديدة، فهم لا يريدون إنهاء العدوان والحرب وإحلال السلام الا انهم سيفقدون الاموال التي يتسلمونها من حكام السعودية ودول الخليج  ثمناً لخيانتهم لوطنهم وشعبهم وتفريطهم بسيادة واستقلال بلادهم وثمن الارواح التي تزهق والدماء التي تسفك والتدمير الشامل لمقدرات الوطن والشعب اليمني.. وهنا يتضح للرأي العام المحلي والاقليمي والدولي من هو الطرف الذي يفشل كل فرص تحقيق السلام وحقن دماء اليمنيين، ويرفض إحلال السلام وإعادة الامن والامان الى يمن الحكمة والايمان.

أترك تعليقاً

التعليقات