جرائم العدوان لن تسقط بالتقادم
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

تابعنا ردود الأفعال الغاضبة التي صدرت من الأمم المتحدة وكل دول العالم إثر القصف الذي طال مركزاً للمهاجرين في تاجوراء الليبية مطلع يوليو الماضي، وكيف تم توجيه الاتهامات لهذا الطرف أو تلك الدولة، والمطالبة بإجراء تحقيق دولي على وجه السرعة!
لست هنا ضد ردود الأفعال هذه، ولا ضد مطالبتها بإجراء تحقيق دولي وعلى وجه السرعة، وما صاحب تلك الردود من غضب، ولكني ضد هذا الازدواج الحاصل مع ما يحدث في اليمن.
تناقض مريب لم أره أو ألاحظه في ردود أفعال الأمم المتحدة أو بعض تلك الدول في جريمة أو مجزرة واحدة ارتكبها تحالف العدوان في اليمن منذ أكثر من  سنوات، وآخر تلك الجرائم البشعة التي ارتكبها العدوان السعودي كانت الاثنين الماضي باستهدافه سوقاً شعبياً بمديرية قطابر بمحافظة صعدة وأدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من  مواطناً بينهم أطفال.
ورغم كل تلك الجرائم لا يزال تحالف العدوان يواصل ارتكاب المزيد من الجرائم على مرأى ومسمع من العالم الصامت!
ما هذا التناقض الحاصل؟! هل جريمة مخيم اللاجئين في تاجوراء الليبية تختلف عن جريمة واحدة ارتكبها تحالف العدوان في منطقة واحدة في اليمن؟!
هل تختلف جريمة تاجوراء عن جريمة قصف الصالة الكبرى التي أودت بحياة أكثر من  يمنياً وإصابة أكثر من  آخرين؟!
هل جريمة تاجوراء تختلف عن قصف تحالف العدوان لمئات القرى والمدن اليمنية في صعدة وحجة والحديدة وعمران وتعز وذمار وإب والبيضاء المأهولة بالسكان؟!
أكثر من  أعوام فضحت وعرت جرائم العدوان وكشفت بشاعته وحقارته ونذالته، ولا يزال يشن الهجمات المتعمدة على المدنيين وعلى البنية التحتية المدنية، بما في ذلك شبكات المياه، بهدف قتل أطفال ونساء اليمن، وسط تواطؤ عالمي قذر، يكذب وهو يتحدث عن القوانين الإنسانية وعن حماية حقوق الإنسان وعن مبادئ وقيم وأخلاق لا وجود لها على أرض الواقع!
عدوان أدمى عيون مئات الآلاف من الأطفال والنساء اليمنيين، وسرق بسمتهم وأحلامهم وآمالهم البسيطة، وحوّل حياتهم إلى ألم لا نهاية له ولا حدود! 
تتناسى الأمم المتحدة وتلك الدول الغاضبة على جريمة تاجوراء ما يرتكب في اليمن من جرائم القتل المتعمدة وإبادة أطفال ونساء اليمن، وإنهاء كل شكل من أشكال وصور الحياة. ورأيناها كيف تعاملت مع جريمة ذبح الصحفي السعودي خاشقجي التي لم تهدأ حتى الآن، فيما مئات الجرائم المرتكبة من تحالف العدوان في اليمن تغض الطرف عنها وكأن شيئاً لم يحدث!
عالم تسيّره مصالحه ليس إلا، فيما القيم والقوانين الدولية الإنسانية وفي مقدمتها حقوق الإنسان والحريات التي يتحدثون عنها ليست سوى ظاهرة صوتية سرعان ما تتلاشى حين تصطدم مع مصالحه.
هكذا تتضح السياسة القذرة للنظام الدولي الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، سياسة المعايير المزدوجة، سياسة بلا قيم وبلا أخلاق.
يكشفون أنفسهم بقذارة وخسة لا مثيل لها. والغريب والعجيب أنهم يتحدثون عن القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان وعن الكارثة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون ولم يشهد لها العالم مثيلاً! 
جريمة السوق الشعبية بمديرية قطابر بمحافظة صعدة تضاف إلى سجل الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان بقيادة النظام السعودي منذ أكثر من  أعوام وسقط نتيجتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ في مختلف محافظات اليمن.
نعم، لم ولن تسقط هذه الجرائم بالتقادم. كما أن دماء اليمنيين لن تذهب هدراً كما يتوقع النظام السعودي.
ويبقى هنا التأكيد أن هذه الجريمة والمئات غيرها التي ارتكبت بحق اليمنيين لن تثني الشعب اليمني عن الاستمرار في صموده ومقاومته للعدوان ومرتزقته، مهما كانت التضحيات، وسيواصل اليمنيون مواجهة العدوان وأركانه وأدواته.

أترك تعليقاً

التعليقات