عدلي عبد القوي العبسي

عدلي عبدالقوي العبسي / لا ميديا -
مر عام كامل تقريبا على انطلاقة الملحمة البطولية العظيمة والمعركة غير المسبوقة ضد الكيان الصهيوني والتي انخرط فيها العديد من الفصائل المقاومة من عدة بلدان عربية ممانعة إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية، وخاضوا غمار مواجهات عسكرية شرسة في عدة جبهات قتالية، مستخدمين شتى أساليب المقاومة العنفية المسلحة وفنون التجهيزات الدفاعية وأساليب الحرب الإعلامية والنفسية وتكتيكات حرب العصابات، ومختلف أنواع الأسلحة الحديثة المتقدمة من صواريخ مجنحة وباليستية بعضها فرط صوتي وطائرات مسيرة تم تطويرها وزوارق حربية وصواريخ قاذفة محمولة على الكتف، وغيرها من الأسلحة الروسية والكورية والصينية والإيرانية التي تم تطويرها وتكييفها لتناسب متطلبات الميدان والمعركة.
كان الاستعداد التخطيطي واللوجستي والتدريبي كافيا لفترة طويلة، قبل مباغتة العدو بهجوم السابع من أكتوبر، وكانت المفاجأة الأبرز هي وجود تلك الشبكة الكبيرة من الأنفاق المحفورة في قطاع غزة وبتلك المسافات الكبيرة والمصممة بعناية والمجهزة بكل ما يسمح بالمكوث فيها لفترة طويلة وبما يشبه إنشاء مدينة تحت الأرض واستخدامها كعنصر محوري في الحرب كتقليد رائع ومذهل من المدرسة الحربية الفيتنامية.
هذا الأسلوب بنظر الكثيرين، كان من بين العوامل الحاسمة التي تسببت في فشل العدو في تحقيق السيطرة على قطاع غزة والقضاء على المقاومة.
بالإضافة إلى عنصر المفاجأة والتكتم وتضليل وإلهاء العدو والتدريب العالي والروح القتالية المبنية على الإيمان بعدالة القضية والثقة بالخبرات المتراكمة من الحروب السابقة والمعرفة العميقة بإمكانات العدو ونقاط ضعفه وكيفية التعامل مع تكتيكاته وأساليبه وإدراك حقيقة عدم رغبة هذا الجيل من الجنود الصهاينة في القتال الحقيقي وعدم امتلاكهم الحماسة للحرب.
كل هذه المعطيات، بالإضافة إلى امتلاك المقاومة وعناصرها في الجبهة الإعلامية المهارة العالية في الحرب الإعلامية والنفسية والمقدرة العالية على كسب التعاطف العالمي إلى جانب المقاومة والشعب الفلسطيني، ساعد على ذلك المستوى الأخلاقي الرفيع لأبطال المقاومة في التعامل مع الأسرى في مقابل همجية وعنصرية ووحشية جنود الاحتلال الصهيوني في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، كل هذه عوامل مكنت من إحراز النصر إلى جانب الثقة بضعف العدو وهشاشة قدراته ورخاوة جنوده واستثمار الوقت والمكان المناسبين وإظهار الخبرة الكبيرة بنقاط ضعف العدو وأماكن تجمعاته وتحصيناته وقواعده وإمكانياته القتالية في محيط غلاف غزة.
وكانت حصيلة معركة «طوفان الأقصى» مدهشة بكل المقاييس! هزيمة عسكرية وسياسية كبيرة وغير مسبوقة في تاريخ الكيان الصهيوني وخسائر اقتصادية فادحة، وتفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية وصراع وانقسام حاد للنخبة السياسية الحاكمة وصل إلى حدوث تمزق لنسيج الوحدة السياسية الوطنية، ونزوح داخلي لمئات الآلاف من الصهاينة من شمال فلسطين المحتلة ومن غلاف غزة باتجاه مناطق الوسط وصحراء النقب، وتراجع كبير في ثقة الدخلاء (الغاصبين الصهاينة) حول استمرار توسع وقوة بل وإمكانية بقاء المشروع الصهيوني، بالإضافة إلى خسارة التعاطف العالمي الغربي مع الصهيونية والذي دام لعقود من الزمن وهو التعاطف البليد المؤسس على الأكاذيب الصهيونية والتضليل الصهيوني والتوظيف الخبيث للخطاب الديني والسرديات التوراتية، بالإضافة إلى التمويل الضخم على كسب الولاءات للمراكز والمنظمات والجامعات والسياسيين والعسكريين والترويج الواسع والتلميع لصورة المشروع الصهيوني ودولته اللقيطة على أنها واحة الديمقراطية في «الشرق الأوسط»!
ومن بين الخسائر التي تؤشر إلى خطر وجودي حقيقي يتعرض له الكيان هو تحفيز موجة هجرة عكسية كبيرة (يريدا) حيث غادر فعليا قرابة نصف مليون صهيوني الأراضي المحتلة إلى الخارج، الكثير منهم بصفة نهائية ولا ينوي العودة أبدا.
نعم، نرى كيان العدو الصهيوني قد خسر جراء هذه الحرب البطولية فعليا أفضلية قوة الردع أمام قوى محور المقاومة، ويكفي من الناحية العسكرية التقنية أن تعرف أنه بالإمكان وبدون أدنى مبالغة، وبكل ثقة القول إن رشقة كبيرة من آلاف الصواريخ الباليستية الفرط صوتية الدقيقة ومن كل الاتجاهات في جغرافيا محور المقاومة والمستهدفة أهم مائة موقع ومنشأة عسكرية ومبنى حكومي ومصانع ومنشآت حيوية للبنية التحتية كالمياه والكهرباء والطاقة والاتصالات والجسور والمطارات والموانئ وغيرها، يمكن أن تشل قادة الكيان وتثير الذعر الجماعي غير المسبوق لقطعان الصهاينة وتحفز موجة أكبر وربما نهائية وقاتلة للمشروع الصهيوني على الهجرة العكسية والفرار الجماعي عبر البحر الأبيض المتوسط إلى منافي الشتات وبلدان المنشأ واللفيف التي جيء بهم منها!
ونستبعد أي احتمال لضرب مفاعل ديمونة النووي وخزانات الأمونيا ومنشآت الغاز البحرية حتى لو تطلب الأمر ذلك كورقة أخيرة حاسمة إن رغب العدو في مواصلة ارتكاب الإبادة الجماعية إلى ما لا نهاية!
ولندخل أكثر في تفاصيل مشهد الحرب وتداعياتها ومفاجآتها، فالعدو في ملحمة السابع من أكتوبر، كما أسلفنا، قد تجرع العديد من الهزائم والخسائر على كل المستويات والجبهات وفشل في تحقيق أهداف مهماته ومناوراته الحربية في القطاع والضفة وفشل في ردع المقاومة في جبهة الشمال وفي اقتحام الأنفاق واستعادة أسراه لدى المقاومة، فشل في تدمير البنية التحتية العسكرية للمقاومة، رغم أنه استخدم أساليب حربية إجرامية فاشية لتركيع المقاومة وإجبارها على الخضوع والاستسلام وتقديم تنازلات كبيرة، مثل: تحقيق صدمة الرعب بذبحه هذا العدد المهول من أبناء قطاع غزة (أكثر من مائة ألف جريح وعشرة آلاف مفقود وواحد وأربعين ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال)، وهي مجازر وحشية ترقى إلى مستوى إبادة جماعية بحسب إجماع كل البشرية، وهي محاولات عصابية لمجرمي الحرب الصهاينة ظنا منهم أن استخدام أسلوب التهجير القسري الجماعي وتجريف المنطقة من سكانها يحقق الهدف في تدمير المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية، لكن ما حدث هو العكس، ازداد إصرار المقاومة على دحر الاحتلال والتنكيل بالعدو وتصاعدت الهجمات النوعية للمقاومة وازدادت كثافة وشدة ونوعية معارك كل جبهات الإسناد الأخرى وازداد التأييد لها من كل شرفاء وأحرار العالم.
هذه المحاولات الفاشلة التي قام بها العدو كانت مصحوبة بخسائر كبيرة في الأرواح تصل إلى الآلاف من الجنود القتلى والجرحى والمعاقين وعشرات آلاف آخرين المصابين نفسيا بحسب إحصاءات مستشفيات العدو ومصادر مراقبة، وفي جانب العتاد العسكري خسر المئات من المركبات الحربية والطائرات المسيّرة والدبابات (أهمها دبابات ميركافا الباهظة الثمن والعالية التجهيز والتقنية والتدريع، والتي كان العدو يتباهى بها ويرسم حولها هالة دعائية كبيرة ويزعم أن لا مثيل لها في العالم أجمع)، كذلك فشلت مساعي العدو في إخضاع المقاومة في الضفة الغربية وتكبدت قوات العدو خسائر كبيرة أثناء اقتحامها المتكرر للمدن والمخيمات في جنين ونابلس وطولكرم وطوباس وقلقيلية جراء اشتباك الشبان المقاومين معها من كتائب جنين ونابلس وسائر تشكيلات المقاومة في الضفة.
وقد أظهرت العمليات الدفاعية والهجومية النوعية التي خاضها أبطال المقاومة في جبل النار وفي سائر مناطق وأرجاء الضفة أن جبهة الضفة الغربية لا تقل شراسة وصمودا وضراوة في القتال واستعدادا للتضحيات والمواجهة مع العدو وإفشال مخططاته الجهنمية القذرة في تهويد القدس والأقصى وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء المزيد من المستوطنات وتهجير المواطنين وفرض معادلاته القسرية وفقا لمخططاته المرسومة منذ زمن، وأهمها «صفقة القرن» سيئة الصيت والتي تم إسقاطها من قبل لكن العدو يسعى إلى إعادة تكييفها وصياغتها من جديد مع إضافات جديدة لتلبي جنون مطالب اليمين المتطرف الفاشي الأهوج، الذي لا يعترف حتى بأدنى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني!
مفاجآت «طوفان الأقصى» امتدت إلى مجالات ومستويات أخرى ولم تقتصر فقط على زعزعة البنيان العسكري للعدو وإنما وصل الحال إلى إفقاد العدو تماسك جبهته الداخلية سياسيا واجتماعيا وأيديولوجيا، بالتوازي مع تفاقم أزمته الأمنية داخليا وخارجيا.
نعم، المؤشرات واضحة وهي تقول لنا بأنه حتما في قادم الأشهر أو السنوات سيذهب مجتمع العدو باتجاه صراع سياسي واجتماعي حاد، لن يخلو من العنف؛ بين معسكرين متضادين هما اليمين المتطرف اليهودي الصهيوني والوسط ويساره العلماني الصهيوني، يحفزه تباين حقيقي وعميق حول مسائل جوهرية ذات صلة وأهمها بطبيعة الحال تلك التي حفزها وأثارها السابع من أكتوبر!

ضربة موجعة لاقتصاد العدو
وفي جانب اقتصاد الكيان الصهيوني، تشير التقارير إلى خسائر اقتصادية فادحة، تقدر بما يتجاوز المائة مليار دولار، وعجز في العمالة؛ الكثير من الجنود الصهاينة هم في الأصل عمال وموظفون في قطاعات أعمال حكومية وخاصة، وانخراط هؤلاء نتيجة استدعائهم للجبهة خلق فراغا في العمالة الوظيفية المطلوبة وتسبب في تعطيل أداء العديد من المؤسسات وتوقف الكثير من الأنشطة الإنتاجية الزراعية والصناعية.
وتسببت الأوضاع الطارئة والاستثنائية في تراجع لمستوى تقديم بعض الخدمات وإفلاس العديد من الشركات وهروب للمستثمرين وتراجع في التصنيف الائتماني وتوقف ميناء «إيلات» عن العمل جراء الحصار البحري والتكاليف الباهظة التي تدفع للنازحين، بالإضافة إلى تكاليف تشغيل العمليات العسكرية، فضلاً عن خسائر العتاد الحربي والذخيرة وتكاليف الأعمال اللوجستية لضمان استمرار الحرب وتوسيع وتمديد مناوراتهم الحربية في القطاع والضفة والجليل.
كلها أثمان كبيرة دفعوها ولازالوا في محاولاتهم المستميتة لعكس مسار نتائج هذه الحرب النضالية الشريفة التي يخوضها ضدهم الشعب الفلسطيني المقاوم البطل.

وحدة الساحات
لا شك أن الدور الكبير الذي لعبته بقية فصائل وقوى محور المقاومة في كل الجبهات جسد فعليا وبمصداقية عالية مبدأ وحدة الساحات، ففي حرب جبهة الشمال تكبد العدو الخسائر الكبيرة جراء العمليات الهجومية والتي استمرت بشكل يومي منذ الثامن أكتوبر من قبل أبطال المقاومة اللبنانية، وتصاعدت بشكل كثيف ونوعي منذ مطلع يونيو الفائت لتطال أهدافا ثمينة من قواعد عسكرية كبيرة وبلدات ومدن كبيرة مثل صفد ونهاريا وعكا في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة ومستوطنات هامة مثل كريات شمونة والمطلة وغيرها العشرات من المستوطنات الواقعة في الجليل والتي تم تفريغها من السكان وأصبحت مدن أشباح، وبهذا تمكنت المقاومة اللبنانية من تهجير ما يقارب المائة ألف من مستوطني الشمال الذين نزحوا إلى بلدات ومدن الوسط.
في هذه الجبهة تشير التقديرات الواقعية للمراقبين والمحللين إلى أن العدو قد خسر الآلاف من جنوده جرحى وقتلى وأن كل ثكناته وقواعده العسكرية ومنها التجسسية قد ضربت لعدة مرات وأهمها قاعدة ميرون العسكرية والتي تعتبر بحق هي عين العدو على بلدان الشمال (سوريا ولبنان وتركيا).
تمكنت المقاومة من إشعال الحرائق في معظم أحراج وبلدات الشمال وقصفت مقرات عسكرية حيوية لفرق وألوية في كل مناطق الشمال (إصبع الجليل ومزارع شبعا والجولان والجليل الأوسط والغربي)، وجعلت قادة العدو يشعرون بالقهر والعجز والغضب الشديد إلى درجة أنهم باتوا يفكرون في تصعيد جبهة الشمال إلى حد المخاطرة باندلاع الحرب الإقليمية الشاملة.

جبهة الإسناد اليمنية
أما في جبهة الإسناد اليمنية، سيدون مؤرخو البحرية بلا شك أن أشرس المعارك البحرية التي خاضها حلفاء العدو الغربيون منذ الحرب العالمية الثانية هي معركة البحر الأحمر، والتي جرى فيها الاشتباك بين أبطال القوات المسلحة اليمنية مع العشرات من بارجات وسفن ومدمرات العدو الأمريكي والبريطاني الذي شكل تحالفا عسكريا بحريا لكسر الحصار البحري الذي فرضته على العدو القوات المسلحة اليمنية وفشل هذا التحالف العسكري الإمبريالي في تحقيق مهمته الأساس التي تم تشكيله من أجلها وهي إيقاف الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تشنها القوات اليمنية على السفن الذاهبة إلى موانئ العدو وخاصة ميناء أم الرشراش «إيلات»، وكذلك الهجمات في العمق التي طالت ميناء «إيلات» نفسه وبعض المواقع العسكرية الحيوية في يافا وتل الربيع «تل أبيب» حيث وصلت إلى مقربة من مواقع حيوية منها السفارة الأمريكية ومطار بن غوريون.
وهنا نذكر بفخر إحدى الحوادث العظيمة التي سطرتها سجلات الحرب العظيمة وهي حادثة الصاروخ اليمني الباليستي الأسرع من الصوت (أكثر من ثمانية ماخ) ذا التقنية العالية المطورة وبخبرات محلية الذي وصل إلى مشارف يافا وعدة كيلومترات من مطار بن جوريون قاطعا مسافة أكثر من ألفي كيلومتر وبسرعة إحدى عشر دقيقة، واستطاع تجاوز كل طبقات العدو الدفاعية من دون أن يتم كشفه كاشفا عورة المنظومة الدفاعية العدو، هذا الهجوم آثار إعجاب العالم أجمع ونال التقدير والرضا والارتياح الكبير في أوساط كافة قيادات محور المقاومة.
نعم، تمكنت القوات اليمنية وعبر خمس مراحل تصعيدية من تأديب العدو الصهيوني وحلفائه الإمبرياليين وإلحاق الخسائر الفادحة بهم وفرض السيطرة البحرية الجيوسياسية على كافة البحار اليمانية ولأول مرة في التاريخ، وفشلت كل المحاولات التي جرت لإيقاف جبهة الإسناد اليمنية، ولم تجدي نفعا كل استهدافات العدو لما يقول عنه «مواقع منصات إطلاق» الصواريخ والمواقع العسكرية للقوات اليمنية، وغاراته المستمرة لأشهر والتي قاربت الـ900 غارة جوية، بل وقوبلت تلك الاستهدافات بالمزيد من الهمجات التصعيدية النوعية وتمكن الأبطال اليمنيين من احتجاز وإحراق وإغراق عدة سفن تجارية كانت في طريقها إلى موانئ الكيان الصهيوني، وقاموا بإطلاق صواريخ باليستية مضادة للسفن وهي السابقة الأولى من نوعها في تاريخ حروب البحرية.
تسبب الحصار البحري الذي فرضته القوات اليمنية بإخراج ميناء «إيلات» بالكامل عن الخدمة واضطرار إدارته إلى إشهار إفلاسه بالكامل وبلغ إجمالي خسائر العدو جراء الحصار البحري عشرات المليارات من الدولارات، وهو رقم ضخم لم يشهده تاريخ اقتصاد الكيان الصهيوني منذ بدايته.
وفي مركز محور المقاومة في إيران وجهت القوات المسلحة الإيرانية ضربة موجعة للعدو في العمق وتمكنت في هجوم أبريل الماضي من استهداف قاعدتين عسكريتين للعدو بالصواريخ الباليستية بعد أن ضللته واستنزفته وقامت بتشتيت دفاعاته الجوية وكذلك دفاعات القوات الإمبريالية الداعمة له في المنطقة بحملة جوية من مئات الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وكانت هذه العملية هي الأولى من نوعها في تاريخ الصراع المباشر بينهما.
وقد كرر هجومه في مطلع شهر أكتوبر بهجوم ضخم طال أكبر القواعد العسكرية لدى الكيان وضرب أهم مدن الكيان الغاصب.

جبهة الإسناد العراقية والسورية
أما في جبهة الإسناد العراقية والسورية فقد قام أبطال المقاومة في العراق وسوريا باستهداف وضرب متكرر للقواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، والتسبب بالكثير من الخسائر في الجنود والعتاد، ودفع القوات الأمريكية المحتلة في نهاية المطاف وبعد أشهر من الضغط العسكري الشديد إلى التفكير بشكل جدي في مغادرة العراق وسوريا وجدولة الانسحاب زمنيا والخروج من المستنقع الذي دخلوه قبل سنوات بذريعة «مكافحة الإرهاب».
كل هذه الأنشطة القتالية والعمليات الهجومية المتساندة والمنسقة شاهدة حقا على فاعلية وقوة العمل التكاملي لمختلف ساحات القتال ضد العدو وعلى التنسيق العالي والتجسيد الفعلي لوحدة الساحات لقوى مناضلة تشكل محورا إقليميا ممانعا ومجابها لنشاط المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
من أهم الدروس المستفادة هنا، هو إدراك ما يمكن أن يسببه تشكيل متنوع ومعقد من أساليب وأدوات قتالية عدة في وقت واحد ضد عدو همجي فاشي مدجج بأحدث وسائل التكنولوجيا ومتقدم نسبيا من الناحية الحربية ومدعوم غربيا بالمال الوفير والسلاح المتقدم الأحدث تقنية والدعم اللوجستي اللامحدود، حيث تم الجمع بين حرب المدن التي يخوضها مقاتلون مزودون بأسلحة عالية التكنولوجيا والدقة إلى جانب أسلوب حرب العصابات إلى أساليب قتالية من الجيلين الرابع والخامس بالتشارك والمساندة مع جبهات إسناد مماثلة أقوى في الإمكانات بمراحل، كل هذا يحدث في ظروف غير مواتية للعدو حيث الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تنخر بنيان كيان العدو منذ عقود وتصل الآن إلى ذروتها!
لم يتوقف الحال عند المقاومة العسكرية، بل وامتد العمل المقاوم ليشمل مجالات أخرى عديدة، وأهمها مجالات القوة الناعمة في الثقافة والفكر والإعلام والدعاية السياسية حيث تمكنت الجبهة الإعلامية والسياسية من تحطيم كل جبروت وأخطبوط آلة الهاسبرا الصهيونية، وأفقدت العدو ميزات تفوق قوته الناعمة الثقافية والأيديولوجية في الإقليم والعالم، وتسببت في تضاؤل مصداقية ديمقراطيته المزعومة وجعلته يخسر الكثير من شعبيته في العالم الغربي، خاصة في عيون الأجيال الجديدة من الشباب والطلاب من كلا الجنسين، الذين أصبحوا الآن يمتلكون وعيا أفضل وفهما أدق (الشاهد على ذلك هو الحراك الطلابي الكبير في أمريكا وأوروبا والذي استمر لأشهر والذي هز الحكومات الإمبريالية المتواطئة والداعمة للاحتلال وشكل عامل ضغط سياسي واجتماعي وأخلاقي كبير لها لكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومظلوميته وحقوقه ومطالبه العادلة).
وطالت التصورات حول حقيقة الصهيونية وطبيعة دولة الكيان وانكشف لهم شيئاً فشيئاً ضحالة التصورات بإمكانية نجاح المشروع الصهيوني وبقاء الدويلة الصهيونية، بل ومبررات وجودها من الأساس!

أترك تعليقاً

التعليقات