هدنة التكلفة الأقل!!
 

عبده سعيد قاسم

عبده سعيد قاسم / لا ميديا -
منذ أن تأسست أمريكا ومنذ اللحظة التي كتب فيها قائد الجيوش الغربية لقادته في لندن رسالة يؤكد لهم فيها أن إبادة الهنود الحمر أقل تكلفة من تمدينهم، مقترحا عليهم الأخذ بالتكلفة الأقل، من حينها وأمريكا ترسم سياستها بأفواه المدافع ومواسير الدبابات، وتقيس المسافة بينها وبين البلدان الأخرى بمدى صواريخها.
تحقق مصالحها بالحرب وتحرسها باستباحة حقوق الشعوب، وتعد الضحايا بآلة عد النقود، تعلن الحرب بمقتضى مصالحها متى شاءت، وتقر الهدنة بمقتضى مصالحها متى شاءت أيضاً.
لم يكن أحد من أطراف الصراع في اليمن ولا في الإقليم بحاجة للحرب على اليمن وتدمير بلد بكامله، فقد كانت الحلول للمشكلة اليمنية شبه جاهزة وعلى وشك التنفيذ كما أكد ذلك جمال بن عمر، ولكن إله الحرب في واشنطن كان بحاجة لخاصرة ضعيفة في جسد الإنسانية ليغرز فيها خناجره، فكانت اليمن محل اختياره هذه المرة ولم يتردد أحد خدام المعبد من إعلان الحرب علينا من عاصمة أمريكا التي تنتهج سياسة قائمة على مفهوم الأخذ بالتكلفة الأقل، تكلفة الإبادة أقل من تكلفة التمدين.
حتى هذه الهدنة البائسة التي تنتهي وتتجدد كإقامة مغترب يمني بائس في دول الجوار النفطي ليست تنفيذاً لوعد انتخابي أطلقه بايدن لناخبيه بوقف الحرب في اليمن، لكن هي الأخرى تمثل التكلفة الأقل في مفهوم سياسة المصالح الأمريكية، ولولا الارتدادات العكسية للعقوبات الاقتصادية على روسيا وتوقف ضخ النفط الروسي إلى أمريكا والغرب وما تسبب به من إحراج للإدارة الأمريكية أمام شعبها وأمام عواصم الحلفاء وضاعف من تصاعد القلق والخوف الأمريكي من احتمال استهداف صواريخ ومسيرات الجيش اليمني ولجانه الشعبية لمنابع ومنشآت النفط في دول الخليج، وتفقد بذلك واشنطن وحلفائها أهم مصادر الطاقة.
لولا ذلك، لما أقرت الإدارة الأمريكية هدنة في اليمن، ولا تكبد بايدن وهنه وشيخوخته وأتى يعانق الجدران ويصافح الهواء في “تل أبيب” والرياض ويحث أنظمة البنزين على زيادة الإنتاج.
كما أن أنظمة تحالف العدوان وجدت في الهدنة ما ظنته فرصة ستتمكن من خلالها من أن تثبت للعالم بمنظماته وهيئاته ومجلس أمنه أن الحرب (يمنية ـ يمنية)، وأنها شنت حربها علينا بموجب طلب من أحد طرفي الصراع المسمى “شرعية”، وربما ذهب بها الظن بعيداً وتوهمت أنها بذلك وضعت قدمها على أول درجة في سلم التنصل من تبعات ما اقترفته من جرائم حرب في حق شعبنا اليمني الذي لن تنطلي عليه أحابيل قاتليه.

أترك تعليقاً

التعليقات