عبده سعيد قاسم

لا شك أن الشيخ سلطان البركاني، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، ورئيس كتلته البرلمانية، يعرف كثيراً من تفاصيل تناقضات وتداخلات الأوضاع المعقدة في محافظة تعز، وارتباطها الوثيق بالقضية الوطنية برمتها، ويعرف تماماً أن العدوان هو سبب رئيسي ووحيد لكل ما يحدث في اليمن عامة.
وحل مشاكل محافظة تعز مرهون بحل القضية اليمنية كاملة، وأية مبادرة مقدمة لجهة ما أو لمكون سياسي معين، هي تجديف في الفراغ، ومضيعة للوقت، فالمشكلة تكمن في العدوان، وليس في مكون أنصار الله، ولا في المؤتمر الشعبي العام، ولا في علي عبدالله صالح، فالمؤتمر والأنصار هما في موقف الدفاع، وليسا من بدأ العدوان ليطلب منهما البركاني إيقاف ما يجري في تعز.
شخصياً، ما كنت أحبذ أن يجدف البركاني في الفراغ، ويتقدم بمبادرة هي أقرب للمناشدة لعلي عبدالله صالح، وتذكيره بأن لتعز عليه حقاً، وإلى هنا وكفى، فالأمر بيد تحالف العدوان وحده، وهو الذي يجب أن يتوقف عن عدوانه الهمجي.
ولا أعتقد أن البركاني مقرب من قيادة التحالف كما ذهب بعض المراقبين، أو أنه صاغ مبادرته ومناشدته بإيحاء منها، بل لم يتورع بعض المحسوبين على المؤتمر عن القول إن رسالة البركاني مبنية على دوافع مناطقية بحتة، والبعض أشاد بها بعاطفة محضة، وكل ما قيل عنها إشادة أو لوماً، هو قول جانبه الصواب.
فالبركاني ليس مناطقياً كما زعموا، وليس أداة بيد تحالف العدوان، فهو وبعد زلته بحضور مؤتمر الرياض في بداية العدوان، نأى بنفسه تماماً عن العدوان وتحالفه، وظل على اتصال مع قيادات المؤتمر في الداخل اليمني، ومع مختلف القيادات المقيمة في القاهرة.
ربما هذه المرة خانه التقدير لطبيعة الواقع والوقائع في تعز، وانساق وراء عواطفه، فأرسل مبادرته تلك، وبنظري كان حرياً به توجيهها لقيادة التحالف، ومطالبتها بإيقاف العدوان على اليمن عل وعسى..
البركاني شخصية برلمانية تغلب على مواقفه الصراحة والوضوح، ولا يحتكم لمراوغة السياسة وخدعها كما عهدنا غيره من السياسيين، لذلك فهو حسن النية، ودوافعه سليمة وصادقة بطرح مبادرته تلك أو المناشدة بتعبير أدق.. وبصرف النظر عن مواقفه من أنصار الله التي أعلنها بعد اندلاع ثورة ٢١ سبتمبر 2014م.
لكنه قطعاً ليس مع تحالف العدوان، ولا يربطه بفصائل ما يسمى المقاومة المكونة من أحزاب اللقاء المشترك وبقية الجماعات الدينية المتطرفة المنخرطة مع العدوان، أي رابط سوى تاريخ سياسي قاسٍ..
 قبل عام في مقر إقامته بالقاهرة، أثناء نقاش حول ما يجري في اليمن، وبحضور مجموعة من السياسيين والبرلمانيين، كان البركاني يلوم أنصار الله على سلوكيات قال إنها لا تؤدي إلى بناء الدولة..
قلت له والعدوان أيضاً يستهدف تدمير البلاد، ولن تتمخض عنه قواعد لبناء الدولة، وذكرته بأن من يدعون أنهم مقاومة وأنهم يقاتلون مع العدوان للدفاع عن ثورة الـ٢٦ من سبتمبر، هم من أحرقوا منزله في تعز عام ٢٠١١م، دون أي سبب سوى أنه من قيادة المؤتمر، ولم يكن حينها إمامياً ولا حوثياً، فقال أعرف أولئك ولست معهم، فأنا أقف أولاً وأخيراً مع البلد، وأريد السلام، أما أولئك فموقفي منهم واضح ومعروف، وحتماً لست مع مشاريعهم...

أترك تعليقاً

التعليقات