رحى تقسيم المنطقة العربية تدور بعنف
 

عبده سعيد قاسم

لم تستطع دولة قطر أن تستمر في اللعب بالبيضة والحجر، بل أخفقت تماماً، وأصبحت متمرداً مطلوباً القبض عليه ومعاقبته من قبل واشنطن بواسطة الرياض وأبوظبي، فدولة قطر حاولت اللعب على المتناقضات بشكل فج وبلا محددات، ففيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، وفيها قاعدة عسكرية تركية، ووقعت بعد اندلاع العدوان الخليجي على اليمن اتفاقية دفاع مشترك مع طهران، ولها علاقة مع إسرائيل، وتستضيف قادة حماس.. كل ذلك كان يمكن أن يكون مقبولاً من واشنطن والرياض، باستثناء اتفاقية الدفاع المشترك مع إيران، فتلك هي القشة التي قصمت ظهر مجلس التعاون الخليجي، فحجة دعم قطر للإرهاب لا تنطلي حتى على من لا يفهم في السياسة حرفاً واحداً، فالسعودية هي مصدر الإرهاب بامتياز، وواشنطن داعمة وراعية له ولا مانع لديها من تمدده واستفحاله، شريطة أن تظل خيوطه بيد البيت الأبيض والبنتاجون والمخابرات المركزية الأمريكية، حتى تستمر في إدارته بما يشوه الإسلام ويخدم مصالحها.
المطلوب من قطر أن تقطع علاقتها مع طهران، وتلغي اتفاقية الدفاع المشترك بينهما، ولا مجال للتذاكي واللعب على المتناقضات من جديد، وعلى الكويت وعُمان أن يفعلا أيضاً، وإلا فإن رحى إعادة ترسيم المنطقة ستستمر في الدوران، وستطحن كل ما يقع بين حجريها بلا رحمة. فمشروع التمزيق والتقسيم الذي دشنته الرياض والدوحة، ومن خلفهما الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال ثورات الربيع العربي التآمري، سيمضي في تحقيق أهدافه، ولن تردعه أو توقفه الأنظمة العربية، بما فيها أنظمة دول مجلس التعاون الخليجي، فالخليج جزء من بنك أهداف التمزيق والتقسيم، ولن يحميها دورها الغبي الذي لعبته في التهيئة والدعم الباذخ والسخي لإيجاد الصراع في المنطقة. لن توقف هذا المشروع غير الشعوب الحرة الرافضة للوصاية والتبعية.
فالنظام التركي، وإن كانت تركيا أيضاً مستهدفة، لا يراهن عليه، فهو متماهٍ مع مشاريع أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
إن وجود أية دولة قوية في المنطقة أمر يغضب البيت الأبيض، حتى لو كانت هذه الدولة تدور في الفلك الأمريكي، فإسرائيل هي الأجدر بالبقاء والقوة في نظر الإدارة الأمريكية، وما عداها باطل ويجب أن يختفي.
ولله في خلقه ما يشاء..

أترك تعليقاً

التعليقات