شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

بعد يوم من وصولي الى القاهرة، تلقيت رسالة على (فيسبوك)، من صديقة قالت لي فيها:
تجول في القاهرة بروح الشاعر وعين الكاتب، سترى ما لم يره غيرك، وستكتب عنها كتجربة جديدة لك.
ما الذي سأراه؟ وعم سأكتب؟
وأنا اليمني المحاصر بآلام وطنه المعتدى عليه، والغارق بنزيف شعبه الجريح المحاصر.
تلاحقك المواجع أنى ذهبت، وأنى توجهت، أنت اليمني المحاصر بلعنة الجوار المتخم بريع النفط الذي لايجد له أصحابه وجهاً للصرف سوى التنكيل بك وقتلك واستباحة حياتك. 
في القاهرة لن تلتقي بالصحفية (عبلة الرويني)، لتناقشها عن كتابها (الجنوبي) الذي تحدثت فيه عن قصتها مع زوجها الشاعر الراحل (أمل دنقل)..
ولن تجد وقتاً لتسأل الجنوبي: لماذا يخاف من اثنين: قنينة الخمر والآلة الكاتبة، كما قال أمل دنقل.
ولن تجد وقتاً لتذهب لزيارة (نجيب محفوظ) في (خان الخليلي)، ولست خالي البال لتذهب الى النيل، وتسأله (كيف يمضي الى منتهاه ولا ينتهي).
(لست إلا يمنياً قلبه من تمني شرعب من شوق لاعه)، كما قال الرائي العظيم البردوني.
يمني تسكنه مواجع بلاده وآلام شعبه المستباح من مختلف القوى والمكونات الداخلية، والجيران أيضاً.
فأنى ذهب وراح، سيبقى مشدود القلب والروح الى هذه البقعة الموجوعة القلقة من الأرض، وهذا الشعب المصادر حلمه وأمانيه، وستحتل قصة عودتك عبر مطار بيشة، مساحة واسعة من تفكيرك، وكيف أنهم سيذلونك بالبقاء على مقعدك في الطائرة لساعات طوال دون حركة. 
صحيح، وللأمانة، إن الذين يصعدون الى الطائرة من موظفي المطار السعودي، لا يوجهون كلاماً جارحاً للركاب، بل يحمدون الله على السلامة، ويتمنون لهم سلامة الوصول، ويسألونهم إن كانوا سيتناولون القات بعد وصولهم الى صنعاء، على سبيل الدعابة طبعاً، ثم يبدون أسفهم للتأخير. 
ولكن الهبوط في مطار بيشة، بحد ذاته، أمر مذل ومهين. 
هناك في القاهرة تجد السياسي والوزير والبرلماني، بل وحتى رئيس الوزراء اليمني السابق، وتستمع لأحاديثهم. 
وذلك ما سنتعرض له في مقال الأسبوع القادم.
وإلى أن نلتقي..

أترك تعليقاً

التعليقات