شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

عزلة (مؤرخة) المؤلفة من تلك القرى المتناثرة على سفح وقمة جبل (حدبة) المنتصب من عمق الأرض، في عزلة (بني سري)، كقامة مقاتل يمني يواجه كل صلف العدوان، حتى قمته الملامسة للسحاب بموازاة جبلي (رهيد) و(الحمصي).. لاشك أنها وسائر القرى المتناثرة في سفوح ووديان وجبال شرعب الرونة والسلام، حزينة متألمة ودامعة لفقدانها اثنين من أشرف وأنبل أبنائها اللذين استشهدا بكمين غادر نصبته لهم عصابة التقطع والقتل، في سائلة (نخلة) عزلة (بني سبأ). 
إن استشهاد ذلك الرجل العاقل الرصين الشهيد الأستاذ محمد عبدالوهاب سعيد فرحان الشرفي، وأخيه الشيخ الشاب الممتلئ حيوية وطيبة وتسامحاً الشهيد صلاح عبدالوهاب الشرفي، وأخيهما الشاب عصام عبدالوهاب الشرفي، ومرافقيهم، شكل جريمة صادمة هزت أضلاع الجبال، وأدمت القلوب، وأثارت آلاف الأسئلة، خاصة بعد أن توالت منشورات ناطقي ما يسمى المقاومة، معتبرة أن أولئك القتلة سطروا ملحمة بطولية ضد من زعمت أنهم مجموعة من المتحوثين، مما يؤكد أن الجريمة كان مخططاً لها سلفاً، وليست كجرائم التقطع والسلب والنهب والقتل التي دأبت تلك العصابة على ارتكابها مرات كثيرة بحق المسافرين.
لكنها جريمة تستهدف جر شرعب إلى مربع الاقتتال ومستنقعات الحرب، لتغطية فشل عصابات الإرهاب التي عجزت عن تحقيق انتصارات عسكرية تلبي رغبة وطموح دول العدوان الممولة والداعمة لها، ولكن موقف أبناء شرعب البطولي والواعي تجسد في شجاعة أولئك الأبطال الذين طاردوا بعض أفراد تلك العصابة، وألقوا القبض عليهم، وسلموهم للجهات الأمنية المتخصصة، ليجري التحقيق معهم وتسليمهم للقضاء لينالوا عقابهم العادل. 
الجرح عميق، والقلوب دامية حزينة، والعيون دامعة لاستشهاد رجال من هذا الطراز الرفيع الغالي.. 
سنفتقد ضحكتك يا شهيدنا المجيد صلاح الشرفي، وسنحتاج حتماً لهدوئك ورجاحة عقلك يا شهيدنا العظيم محمد عبدالوهاب.. سنفقد إطلالتك المهيبة في (نجد وادي هزام)، وأنت تعبر الطريق تنثر الضحكات، وتحتفي صادقاً بكل من يصادفك. 
شرعب ليست إمبراطورية الشر كما يعتبرها أولئك، أو كما يريدونها أن تكون، ولن تذهب إلى الاقتتال. حزينة هي نعم، ورافضة لما صنعت تلك الثلة المارقة، ولن تنسى دم الشهداء، ولن تتسامح مع قطاع الطرق وقاتلي المارة، لكنها ستعاقبهم عبر مؤسسات الدولة وجهاتها الأمنية والقضائية، فهي جربت الحرب، وتعرف معنى الاقتتال الأهلي، ولن تلدغ مرة ثانية.
رحم الله الشهداء، ولهم المجد والخلود، وخالص العزاء لأهليهم وجميع محبيهم.

أترك تعليقاً

التعليقات