عبده سعيد قاسم

عبده سعيد قاسم / لا ميديا -
أزعم أن الوحدة اليمنية لم تنهر جراء حرب صيف 94، ولكنها انهارت في اللحظة التي اتحدت فيها الأنظمة الشطرية وأعلنت قيام الوحدة اليمنية ورفرف في سماء عدن علم يمني واحد.
فقد كانت تلك الأنظمة هي التي تعيش التشطير وتمارسه من خلال الصراع الحاد والحروب التي اندلعت في الحدود الشطرية مرات عديدة في ما بينها، أما الشعب اليمني فقد كان موحدا ولا فرق في نظره بين أبناء عدن وصنعاء، ولا بين أبناء أبين والحديدة وتعز، وكانت الوحدة بين أبناء الشعب تتجاوز نقاط حرس الحدود وبراميل الشريجة وكرش التي ظلت الأنظمة الشطرية تحميها من التآكل والصدأ بعوازل الدم المسفوح بدورات الحروب الشطرية المتتالية وتجذرها في وجدان الأرض أجهزة المخابرات الشطرية.
صحيح أن النظام الشطري الذي كان قائماً في الجنوب بقيادة الحزب الاشتراكي اليمني كان أكثر حرصا على قيام الوحدة بين الشطرين، ولكن بطريقته هو، وكانت معظم أدبيات الحزب تتضمن وتحث على ضرورة قيام الوحدة، فيما نظام الشمال كان يراوح بين الرفض والقبول، فكبار مشائخ القبائل وأحزاب الأيديولوجية الدينية كانوا أكثر نفورا من الوحدة وأشد عداء لنظام الجنوب وللحزب الاشتراكي وأنصاره في الشمال.
وصحيح أيضاً أن النظامين كانا يتعاملان مع القادمين من الشطر الآخر كمواطنين يمنيين ويمنحونهم وثائق السفر وحق أبنائهم في الالتحاق بالمدارس والجامعات، بل حتى في الوظيفة العامة، لكن ذلك كان يتم بدافع نكاية كل نظام بالثاني باعتبار القادمين من الشمال مناوئين لنظام صنعاء والقادمين من الجنوب هاربين بدينهم من الشيوعية في عدن.
وكثيرا ما تم استخدام أولئك القادمين من شطر لشطر كأوراق ضغط في سياق الصراع الشطري البغيض، ومعظم حكام اليمن مارسوا شطريتهم تحت شعار تحقيق الوحدة واضطر حتى بعض السلاطين قبل رحيل الاستعمار البريطاني ومن خلال حزب الرابطة للمناداة بالوحدة ولكن الوحدة العربية الشاملة بغرض التخفيف من حدة الضغط الشعبي ومن أجل ألا تتضرر مصالحهم المرتبطة بالاستعمار الذي تزعجه شعارات تحقيق الوحدة اليمنية والمطالبة بقيامها فهربوا من الأقرب إلى الأبعد من الوحدة اليمنية إلى الوحدة العربية الشاملة.
فما هو مصيرها اليوم هذه الوحدة التي تؤرق أعداءها وأنصارها على حد سواء أنصارها يخافون عليها وأعداؤها يخافون منها؟ وهل ستنجح مشاريع التقسيم في هذا الوضع الوطني البائس ونعود ثانية لتحكمنا أنظمة شطرية متناحرة ويصبح بين كل محافظة وأخرى برميل؟

أترك تعليقاً

التعليقات