الرسوم الباهظة وبيانات النفي!!
 

عبده سعيد قاسم

عبده سعيد قاسم / لا ميديا -
"مجانية التعليم والرعاية الصحية"، هذه الجملة مثلت شعاراً محورياً رفعته الحركات الثورية والحركات العمالية، بل وضمنته برامجها السياسية وأدبياتها على مدى القرن المنصرم في مختلف الدول، واعتبرته هدفاً رئيسياً لنضالها، وقطعت على نفسها للجماهير وعداً بتحقيقه.
وبصرف النظر، وصلت تلك الحركات إلى الحكم أو لم تصل، لكنها لم تدخر جهداً في مطالبة السلطات بتحقيق تلك الأهداف، حتى أن الأنظمة الرأسمالية وحليفتها الأنظمة الرجعية سارعت لتحقيقه من باب سد الذرائع وسحب البساط من تحت أقدام الحركات المعارضة لحكمها وتخفيف السخط الشعبي عليها.
وبما تمثله هذه الأهداف من قيمة تحررية وارتباط وثيق بمستقبل الشعوب، تصبح أي ثورة بدون تحقيقها مجرد حدث مرتجل يمثل من قاموا به لتحقيق أهداف ومكاسب خاصة بهم، وليس للشعب فيه ناقة ولا بعير، فما بال حكومة الإنقاذ التي تدعي، وصدقنا نحن الشقاة النائمين على الأرصفة، أنها أداة ثورية أنتجتها ثورة 21 أيلول/ سبتمبر وأوكلت لها النهوض بواقع الشعب وتحقيق أهدافه المصيرية؛ ما بالها قفزت على ذلك الهدف الثوري وتحولت إلى شركة رديئة تبيع الصحة والتعليم للشعب الذي لم يدر بخلده يوماً أنه سيدفع من قيمة خبزه ثمناً لتعليم أطفاله، وأن الحكومة التي يجب أن تتكفل بتوفير التعليم المجاني ليست سوى تاجر جشع بشع يرابح ويرابي بحاضر الناس ومستقبل أبنائهم.
حكومة إنقاذ تتعامل مع الشعب كمستهلك عليه أن يدفع مقابل حصول أطفاله على تعليم رديء كرداءة حكومته التي لم تتأخر وزارة تربيتها في إصدار بيانات تنفي ما يتردد بين الناس عن القيمة الباهظة لرسوم تسجيل الطلاب في المدارس الحكومية.
وزارة التربية تنفي، وحقائق الواقع تنفي بيانات النفي، وتؤكد حقيقة الكارثة وحجم الخيبات التي أصيب بها آباء نهضوا من تعبهم قبل شروق الضوء، واصطحبوا جوعهم وأطفالهم إلى المدارس لتسجيلهم، فهالهم الثمن المطلوب مقابل التسجيل، فعادوا والخيبات تمضغ أرواحهم وتدمي أفئدتهم، والضياع المتربص بمستقبل أطفالهم يفغر فاه هازئاً بهم وبمأساتهم متوعداً بمستقبل حالك معتم.
الناس لا يريدون المستحيل من حكومة الإنقاذ، لا يريدون ماءً نقياً ولا كهرباء مجانية ولا دعماً للمواد الغذائية ولا لتراً من الحليب لكل طفل في كل صباح كما فعل السلفادور اللندي أثناء فترة حكمه القصيرة في تشيلي؛ إنهم فقط يريدون تعليما لأطفالهم برسوم تتناسب وأوضاعهم المعيشية القاسية، ولا شيء أكثر يا حكومتنا الثورية العظيمة!!

أترك تعليقاً

التعليقات