أسئلة نازفة متعبة!
 

عبده سعيد قاسم

عبده سعيد قاسم / لا ميديا -
هل حققت سنوات العدوان الثماني لدول التحالف في اليمن مبتغاها من حربها العدوانية علينا؟! أم أنها لم تحقق سوى القتل والتدمير، وذلك أمر لا يفي بتحقيق المبتغى الذي توهم العدوان تحقيقه؟!
وهل مزقت الحرب ما يكفي من النسيج الاجتماعي وأثارت النعرات الطائفية والمذهبية وأصابت الوحدة اليمنية في مقتل؟!
وهل احتلال الجزر اليمنية والسيطرة عليها وإخضاعها لتحقيق الأهداف الاقتصادية العدوانية سيصبح واقعاً مستمراً حتى بعد انتهاء الحرب؟! أم أن تلك أمور هي ضرورات وأسلحة تستخدم في الحروب وستختفي بعد انتهائها؟!
من المعروف والبديهي أن الحروب تنتج واقعا غير الذي كان قبلها، وتخلق وترسخ ثقافة العداوة والبغضاء بين أبناء الشعوب، وبالذات الشعوب التي تعرضت للعدوان وانقسم أبناؤها بين مؤيد للعدوان ومقاوم له. ولكن من سمة الشعوب التعافي من آثار الحروب العدوانية وبأثمان متفاوتة بين الفادحة والأقل فداحة.
لقد تعافى الشعب الفيتنامي واستعاد وحدته الوطنية وامتلك قراره السياسي والسيادي رغم الأضرار الفادحة التي ألحقها به الغزو الأمريكي الذي شن الحرب في فيتنام ودمر كل شيء وبدون استثناء.
وكذلك، تمكن الشعب الكوبي بالوعي والاستمساك بعروة الوطن من هزيمة الحصار الإمبريالي الخانق ومحو آثاره، وها هو يقف على قدميه مهاباً قوياً.
وتعافى الشعب الياباني الذي استدفعته الحرب العالمية الثانية سيولاً من الدم وأفواجاً من الأرواح والخسائر الاقتصادية المهولة؛ لكنه لم يفقد تماسكه ولم تتصدع وحدته الوطنية، فكان ثمن تعافيه مستطاعاً ومقدوراً عليه، خاصة أنه يمتلك وعياً مكنه من التعامل مع حقائق كل يوم طازجة كما هي دون الالتفات إلى ما صنعه الماضي فيه من كوارث وجراح.
وها نحن في اليمن قد انتصرنا، فما الذي سنكون عليه غداً؟! وأي منحى سننحو، بعد أن تتوقف رحى هذه الحرب الظالمة؟!
هل سنتجاوز آثار ما جرى ونستعيد وحدتنا الوطنية ونكافح من أجل تسوية الأرضية السياسية التي سيقف عليها الجميع وتتسع للجميع؟! أم أننا سنحذو حذو ليبيا والعراق ونستمر في إعادة إنتاج الصراع ونستلذ دمانا ونفاخر بالتشرذم والصراع الأعمى، ونظل نعمة في الغي، ونحقق للعدوان بغبائنا ما عجزت آلة حربه عن تحقيقه، ونصبح مجرد رعاع يمقتنا التاريخ؟!
أسئلة نازفة تعبى كأرواحنا المثخنة بالحزن والغضب مما أصابنا وبلادنا في هذه الحرب العدوانية الجائرة. وما تزال أجوبتها تتشكل في طوايا المستقبل، الذي لن يعترف بنا ولن يكترث بآلامنا وآمالنا إذا لم نهيئ له قواعد الوعي والتسامح حتى يؤمنا في الوقوف عليها، ويخاطب باسمنا التاريخ والدنيا.

أترك تعليقاً

التعليقات