أنا لا!
 

علي عطروس

علي عطروس / لا ميديا -
بأمرٍ من بغداد، قام والي السماوة في العراق بسجن الشاعر أبو الطيب المتنبي، بتهمة ادعائه النبوة، ثم أمر بإحضاره إليه، وحينما جاؤوا به سأله:
- ويحك! ألم تسمع بقول النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا نبي بعدي؟!
أجابه المتنبي:
- أنا لا!
وفي حوارٍ استثنائي أجراه معها الزميل الأستاذ صلاح الدكاك ذات «ثقافية»، تفسر الدكتورة ثريا منقوش (زوجة المناضل والأديب الكبير عمر الجاوي، وصاحبة كتاب «التوحيد يمان» المقيمة حالياً في أمريكا) الحديث المذكور أعلاه بأن «الرسول قال: لا نبي؛ ولم يقل: لا نبية»؛ وذلك في معرض تبريرها لادعائها النبوة هي الأخرى.
أتذكر هكذا حادثتين مع كل مرة أسمع فيها عن شخص يدعي النبوة في بلادنا، وكان آخرهم أكاديمي من تعز أعلن نبوته في بوستٍ على موقع «فيسبوك»، وسبقه الكثيرون من ذمار وحجة، وما صاحب مأرب والثلاثة آلاف جمل وثور وخروف ببعيد، وهذا الأخير ادعى وما يزال أنه المهدي المنتظر، وحكايته حكاية!!
بدأت قصص هؤلاء الأدعياء في حياة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وبعد وفاته وحتى اليوم، بدايةً من مسيلمة وسجاح وطلحة والأسود العنسي، وليس نهايةً بالملياردير المهدي محمد بن ناصر، مروراً بالكثير من الأحوال والأهوال، وما جهيمان وصاحبه بمجهولَين. لم يكن الأمر محصوراً على الجزيرة العربية ولا على المنتسبين للإسلام. وإن كان أدعياء النبوة ممن كانوا يُدعون مسلمين لم تُعمر كذباتهم ولم يتزايد أتباعهم، فإن ثمة كذابين من غيرهم صار لهم الملايين من المؤمنين بدجلهم وخداعهم.
خارج جغرافيا مهبط الوحي والنبوة الخاتمة ثمة حكايات وأرقام طريفة وددت مشاركتكم إياها. في السودان مثلاً وخلال القرون الأربعة الأخيرة تقارب الإحصائيات الأربعين شخصاً ممن ادعوا النبوة، آخرهم وبالأصح أخيرتهم ألقت الشرطة السودانية القبض عليها في آب/ أغسطس 2021 في ولاية الجزيرة جنوب شرق العاصمة الخرطوم.
وما بين عامي 2000 و2021 ظهر الكثيرون، منهم شخص أطلق على نفسه لقب «نبي آخر الزمان»، ويعرف بالمهندس الزراعي محمد (الاسم الأصلي مجهول)، وأعلن عن دعوته عام 2005، وقد تم إبعاده من السودان إلى مصر مرتين وصودر جواز سفره لاحقاً. وكذا سليمان أبو القاسم موسى الذي ادعى أنه النبي عيسى والمهدي المنتظر، وقد تم سجنه في عام 2012، وله موقع على الإنترنت موسوم بـ»سلسلة منشورات المسيح المهدي المحمدي سليمان أبو القاسم موسى». أعقبه رجل يُدعى محمد محمود، ادعى على صفحته في «فيسبوك» أنه رسول الله والمهدي المنتظر قبل أن يتوقف عن الكتابة  عام 2018. كما ظهر «مهدي» و»نبي» آخر اسمه عبد الله كورينا عام 2020.
أما الدعي الأبرز بين هؤلاء فهو الكاتب والروائي الشهير محسن خالد، الذي ادعى أنه النبي يحيى بن زكريا، وأنه المهدي المنتظر وأنه النبي الطائر. أما الأشهر ممن سبقوا فكان الشيخ حمد النحلان الترابي، جد حسن عبد الله الترابي، أحد قادة جماعة الإخوان البارزين، وشخص اسمه محمد أحمد (جد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة) برز إبان الدولة الخديوية في السودان (1821-1885) وادعى أنه المهدي المنتظر.
أختم هذه الفسحة وبعيداً عن السياسة بهاتين الطرفتين:
الأولى: أن أتباع الأمريكي الدجال ميشيل ملك طائفة الجحيم المقدس (Holy Hell) اكتشفوا بعد أكثر من عشرين عاماً على اتباعه أنه -أعزكم الله- شاذ وممثل بورنو (أفلام إباحية) في ماضيه.
الطرفة الثانية: أن المهدي المنتظر (ناصر اليماني) الذي شغلنا أتباعه رسائل في مواقع التواصل الإجتماعي قد دخل قبل سنوات في نزاع مع «العوبلي» بسبب «جني» ادعى الأول أحقيته بامتلاكه، وأن الثاني قد سلبه منه.

أترك تعليقاً

التعليقات