علي عطروس

علي عطروس / لا ميديا -
لا أحمل بعد من ذكريات كتابية/ إعلامية ما يجعلني منتفخ الأوداج بقات أرحبي عالٍ وغالٍ مشترى من سوق الرشيد، أو بلوطٍ من ريمي جولة سبأ، أو بألجاعٍ من بروست الخضراء، أو مندي مطاعم حضرموت، أو بلحم صغار صاحب البلاد ونجوم الشام.
كتبت تقريراً لإحدى القنوات في صنعاء عن الفأر هادي فزعل الدنابيع ليخرجني عيالهم من مطعم كمال. وكتبت قبل ذلك تقريراً لقناة صنعانية أخرى عن القوة اليمنية البحرية وأهمية البعد البحري في استراتيجية الصمود والانتصار، فغضب العفافيش ليدفع بي أبناء الحشور بعيداً عن سندوتشات شارع هائل.
لا أتهم أحداً، ولست وطنياً للغاية وللدرجة التي تجعلني أغفل عن نقص مؤهلاتي غير الوطنية فأفحط بإطارات 2021/2022 على إسفلت شوارع صنعاء المكسرة، أو أشتري لأطفالي بنصف مليون ألعاباً وزماميط، أو أحيط نفسي بكتائب حراسة أكثر من كتائب الوهبي في الجبهة... لست مناضلاً جسوراً وشجاعاً لأقترح قناتين بدلاً عن قناتين: واحدة لأبطال الإعلام الحربي والأخرى لزوامل عيسى الليث. أعترف بأني جبانٌ للغاية من أن أهجو المجرمين «مبس» و»مبز» ودنابيعهما وعفافيشهما وإخوانج موزة وأكتب عن المرتزقة وأقرأ في مخططات العدوان؛ إلا من تحت بطانية وجعي ومن على شاشة هاتفي المكسورة. جبان جداً من أن أفعل ذلك بينما قادة الصمود الإعلامي لا يذكرون أياً منهم، فلديهم معارك أكبر تخص الرنج وتختص بالبلاط ويخوضونها من أعلى طيرمانات العاصمة المحاصرة وحتى الغسق الأخير من كيف ليل صنعاء المقصوف!

لست جديراً بالحديث عن الآخرين وأنا العاجز عن تسجيل أطفالي في مدارس خاصة بينما مدارس «الرشـ....الإصلاحية»  تتوسع جامعةً وجامعا عمودياً بتحويلات الدولار، وأفقياً فوق مساحات من أرض حررها الرجال واحتل كراسيها أبناء الحظوة من المزايدين على دماء الشهداء. كان الحبيب ابن حبتور حصيفاً للغاية هو ومن معه وهم يفتتحون مشروع الجامعة الدولارية. 
كم ولداً لديهم يدرس في مدارس وجامعات الفقراء؟! وكم مصاريف جيوبهم اليومية؟! وكم تكاليف بنزين سيارات البسطونات الثمانية المعكسة والعاكسة الخط التي يفحط بها صبيانهم وأنجال بعض مشرفي المؤلفة قلوبهم؟! هل يجوز أن أكون شجاعاً كفاية لأسأل وأتساءل كمواطن مزايد عن نسبة ما يصرفه مثل هؤلاء مقارنة بحوافز معلمي ومعلمات العاصمة فقط يا أستاذ يحيى؟!

لست مريضاً كفاية إلى الدرجة التي أعلن فيها عجزي عن تنقيط حروفي. ولست صحيحاً بما يكفي أيضاً لأثير جلبة علي الصنعاني أو عبدالحافظ معجب. قلمي وقدمي عكازان. يحتاج الأول إلى مدادٍ أخروي، وتعوز الأخرى طريقاً لا يقف فيها حمود عباد حجر عثرة.
هل أبدو حاقداً بما يكفي ليهددني بعض من علمتهم قراءة العناوين التلفزيونية والفرق بين كتابة التقارير المكتبية والميدانية بالهرب إلى إسطنبول، إسطنبول حيث آباء هؤلاء البعض يعملون مقاولين للعدوان مع علي محسن وحميد الأحمر؟! إنهم أولئك البعض الذين يؤدون الصرخة بحماس منقطع النظير ويضعون شعارات البراء في جباههم وعلى مقدمات سياراتهم هنا في صنعاء! لا ضير إذن أن يسميهم البعض «مجاهدي خلق»!

بين عامي 2011 و2015 أربع سنوات وعشرات التهديدات عشتها في مواجهة دواعش «المشرق»، حيث كنت هناك. لم أكن بطلاً حينها. كانت فرائصي ترتعد كل صباح ومساء وأنا أتلقى رسائل الموت وصور الرؤوس المعلقة من على أسوار مدينتي المنكوبة. 
كان الجميع خائفاً للغاية، وأنا أولهم. كنت شجاعاً افتراضياً لا غير، أفسبك لاعناً القتلة وأفر تحت جناح القبيلة حذر الموت.

رائحة النشادر تملأ خياشيم آخر العام كالعادة.. عشرة أعوامٍ مرت منذ أن اعتلى البلاتين ظهري وارتفع الكارنتاين في دمي وكليتيَّ. يتدهور نظري بشكل متسارع، ويزداد عدد شعرات الشيب في ذقني... البرد كافرٌ كما الجوع تماماً. لعنتي عليه من قارسٍ يفترس مؤخرات الأفكار والمقدمات الطللية. إلا أن السكينة تملؤني طمأنينة مشوار وحسن خاتمة.

لن ينتهي العام بمنشورات الدعي المدعو كامل الخوداني المرسلة من جحر طارق عفاش في مأرب. يشكو الناشط المآربي عبدالله القانصي من الإهمال رغم بذله منتهى الابتذال لإرضاء العرادة ومرتزقة الريال السعودي. ما يقهره هو ما يناله الخوداني من كرم وحظوة مقابل دياثته  (كما وصفها الخوداني نفسه ذات وطنية غابرة) على وطنه وشعبه... يبشر الخوداني بعوض الوزير مُخلّصاً المرتزقة من مأزقهم الوجودي. يظن الإماراتيون أنهم تجاوزوا إبليس شيطنة وخودنة، وأن المرتزق عوض الذي توسط في 2014 لإخراج الخائن ابن عوض يمكنه إدخال الحمار جحره من جديد. لا جدوى من المراهنة على قراءة المشهد من خلفياته، ولا من الرهان على كتابته في ضوء مقدماته، وما حديث علي النسي عن استقدام ألوية العمالقة الصغار إلى شبوة وباتجاه أطراف عسيلان سوى مؤشرٍ إلى أن ابن زايد الذي يزداد حكةً وحكاً لن تشفيه مراهم ابن عمه «بينيت» لعنة الله عليهما، بل ستداويه مكاوي الصماد سلام الله عليه.

لن يأتي العام الجديد محمولاً بالنقاش ومحتملاً الجدل بين رصين الرصين وعامر السعيدي ومروان الغفوري (الأول دكتور إن وأخواتها، والثاني شاعر توكل المعروف، أما الثالث فخزرجي علي محسن وحميد الأحمر). هناك ما هو أهم بكثير من هذا الهراء. لا أظن أن مؤتمر المالكي الفوتوشوب أكثر أهمية، فكلاهما بالمستوى ذاته من الفك (fake) والإفك والفيشنك. قد يكون في ظهور نصر الدين عامر على خط الإسفلت الدولي الموصل لمنفذ الخضراء السعودي بعد إعلان سريع السريع عن فجر الصحراء وتحرير اليتمة. لا أظن أن نصر الدين خبير طرقات لبناني يطوف بالمجاهدين على الجبهات حتى يعلن لسان مزمار «مبس» قصف الإسفلت في دائري صنعاء للخلاص منه بينما يجبن عن إعادة فائز البخاري إلى بيروت المقاومة.

«إن غضبنا أوجعنا». هكذا يهدد تركي المالكي المثير للشفقة وللرثاء وللضحك. وإن كان هو الأجدر بخلافة أحمد عسيري في هكذا أرجوزةٍ أراجوزانية فهو الأحق بلقب دجال العام. إنه أنموذج الفضيحة السلمانية في زيها العسكري وردائها الاستخباري ولبسها الحربي وثوبها الدعائي الإعلامي الإعلاني.
اليتمة تحررت، وتحررت معها ستة عقود من تابوهات الوطنية اليمنية في سياقاتها السيادية السياسية والاقتصادية والعسكرية. ويخرج المالكي يهرف بما يعرف من كذبه وما لا يعرف من خزيه، متقمصاً ثوب مسيلمة ومؤدياً دور طلحة بن خويلد ومتحدثاً بلسان سجاح، فيما العرق لا يتصبب من جبينه الذي لا يستحي أن يضرب بشباشب شهيدات المحويت الصغار.
أما الفارسي الشهيد حسن إيرلو فإنه «منا آل البيت»... فاستبضعوا رجولة منه ومن أمثاله كما كان أجدادكم من أعراب نجد يفعلون كما قال المناضل الراحل أنيس النقاش (رحمة الله عليه).

تريثت كثيراً في الكتابة عن انتصار منتخب اليمن للناشئين على المنتخب السعودي وفوزه بكأس غرب آسيا، لا لشيء سوى حاجة في نفس يعقوب قضاها.
أيها المرتزقة الصغار!
أعيدوا إلينا أبطالنا الكبار! أعيدوهم إلى شعبهم وكفاكم من الخزي هواناً أن ترتزقوا من أقدامهم شيكات وألبومات صور!

«أوميكرون» المتحور فيروسياً، وماكرون وزوجه المتحولة جنسياً، بايدن الخرف، وبوتين المحترف، وجونسون المنحرف، أسماء تراود روزنامة العام المنقضي ضجةً وضجيجاً. غير أن جين بينغ هو الأكثر مخاتلة ومفتالة. قاعدة لتصنيع المسيرات في الإمارات ومصنع للباليستيات في السعودية ويعلنه الحزب الشيوعي الصيني زعيماً أبدياً خالداً للصين. لم يكن ماو شيوعياً خالصاً، لكنه على الأقل لم يتصنع بروليتاريته الحاكمة وهو يبني لعيال زايد وابن سلمان محارق قتل الفلسطينيين وصليات موت اليمنيين. الإيغور بعض الثمن الذي يدفعه خونة الحرمين. أما بعض الثمن الآخر فباقي لبن البقر وحليب الماعز وروث عنيزة وعنيز طريق الحرير والعبيد.

حسناً، فقد كانت لديك سيارة وسلبوها منك، ويطلبون منك قيمتها. وكان لديك ذكرى واسترددتها منهم ويطلبون منك ثمن النسيان. شقوا بك أربع سنوات ويريدون منك تعويضاً عن خسارتهم لك. ولديك قمارى ويتبقى لك البدر لتكتمل سماؤك، وعند الله كل خير.
تسقط سنة أخرى من شجرة العمر لتنبت في مكانها ضجة الحلم وضجيج الأمل. فقبل عقدين بدأت مشوارك الصحفي المتواضع رسمياً مردداً «نعم»، لتستأنفه اليوم مسترجعاً أنفاسك بالقول قطعاً «لا»، وإن كان أهم ما خسرت في 2021 أحدهم كان يدعي أيام الطفر أنه صديقك. فالأهم هو أنك ربحت فيه أخاً تدعو الله له بالخير وإن بدأت عامك على سرير «حسبك الله» فها أنت تنهيه في سرور «الحمد لله». أرادوك وحيداً، إلا أنك قد صرت كثيراً جداً بصلاح الدكاك.

أترك تعليقاً

التعليقات