الحتميات الثلاث ..العالم في اليوم الثاني لانتصار غزة
- إبراهيم الهمداني السبت , 25 يـنـاير , 2025 الساعة 12:10:53 AM
- 0 تعليقات
إبراهيم الهمداني / لا ميديا -
انتصرت غزة العظمى، بإيمانها بالله سبحانه وتعالى، وبحسن توكلها عليه وثقتها به، على قوى تحالف العدوان العالمي، التي ركنت إلى ترسانتها الهائلة، واعتمــــدت علـــــى حشــــودها المتحالفة، وحساباتها الدقيقة، القائمة على رهانات القوة، ومعادلات الهيمنة والمصالح. ولم يكن بين حضور زعماء قوى الاستكبار العالمي، لمواساة حليفهم المجرم نتنياهو، وبين نصرهم المتوقع الأكيد، سوى ما استغرقته تصريحـــاتهـــــم الاستكباريـــة، المنحازة إلى آلة القتل والإجرام والإبادة "الإسرائيلية"، من منطلق انتمائهم المعلن إلى الصهيونية، في سقوط أخلاقي وإنساني سافر كشف عن عمق زيف شعاراتهم الإنسانية، غير مبالين بسقوطها مرة واحدة، لأنهم قد ملّوا تمثيل ذلك الدور النفاقي، ولم يروا أنهم بحاجته بعد اليوم، لأن معركتهم الفاصلة ضد غزة والدين الإسلامي قد باتت محسومة لصالحهم مسبقا، ولم يعد هناك ما يدعو لإخفاء حقيقتهم الصهيونية، فكريا أو سلوكيا.
وبمقدار إخلاصهم لعقيدتهم الصهيونية الإجرامية، تسابق شركاء الإجرام والتوحش في تقديم الجيوش والعتاد، وتوظيف كل الإمكانات التكنولوجية والاستخبارية، بالإضافة إلى الاستعانة بقطعان المرتزقة، من القتلة المأجورين، العاملين تحت إمرة المرابي اليهودي، في صورة شركات الحماية والخدمات، وبذلك اكتظت أرض غزة المحدودة، بجحافل الجيوش وقطعان المرتزقة، من أمريكا وكل دول أوروبا الصهيونية، لتشهد تلك المساحة الجغرافية الصغيرة، أعظم معارك التاريخ، وأقسى حروب الإبادة الشاملة والتدمير الكامل الذي ترك المكان جبالا دكا وخرابا موحشا. وأفادت تقديرات الأمم المتحدة المتخصصة، بأن حجم الدمار بلغ حوالى 88% من إجمالي أرض غزة، وأنها بحاجة إلى 350 سنة من إعادة الإعمار، لتعود كما كانت قبل الحرب، حيث غطى الدمار أكثر من 437600 وحدة سكنية، دمرها -كليا أو جزئيا- تحالف العدوان الصهيوغربي، خلال 470 يوما من العدوان، الذي ألقى على القطاع أكثر من 100000 طن من المتفجرات، ليتجاوز عدد الشهداء أكثر من 47000 شهيد، وعدد الجرحى أكثر من 111000 جريح، والمفقودين أكثر من 14000 مفقود، وهذه حصيلة غير نهائية، نظرا لاستمرار خروقات ومجازر الكيان الصهيوني، من ناحية، ولعدم تمكن فرق الدفاع المدني من البحث في الركام، وانتشال جميع الجثث، كما يقدر عدد المجازر بأكثر من 10100 مجزرة، على مدى 470 يوما.
لكن غزة طوت 350 عاما من عمر الإعمار وحلم العودة المنتظر، المشروط بعودتها كما كانت عليه، في أقل من 24 ساعة فقط من إعلان وقف إطلاق النار ودخول الهدنة حيز التنفيذ، حيث فتحت ذراعيها لأبنائها، المهجرين قسرا، على فضاءات مرعبة من الدمار والخراب، وأكوام الركام الهائلة، التي أقبلوا عليها بدورهم، في مشاهد سباق جماعي أسطوري، وكأنهم يتسابقون على أبواب الفردوس، يحملون ما تبقى من سقط المتاع، مع كثير من جراحهم وآلامهم، وحكايات الفقد المرعب الممزوج بعنفوان الصمود، حتى استقر بهم المقام فيها، يفترشون أرضها ويلتحفون سماءها، ويتبادلون معها قصصا من الحرب الكونية، الأكثر وحشية وإجراما على مر التاريخ الإنساني، كان ضحيتها وبطلها الإنسان والمكان بالتساوي، لذلك لم يكن لمصاب إنسان غزة من عزاء سواها، ولم يكن لدمارها الهائل، وجراحها الغائرة، من دواء يبلسمها سواهم، وتلك هي المعادلة الصعبة جدا، التي عجزت عن بلوغها الأفهام، وفشلت عن تخيلها الأوهام.
انتصرت غزة العظمى، وسقط كيان الإرهاب "الإسرائيلي" - الأمريكي - الأوروبي، متقزماً ذليلا صاغرا، وسقطت سكرة النصر المسبق، التي عاشها نتنياهو وحلفاؤه المستكبرون، وسقطت خططهم الخاصة، باليوم التالي لغزة بدون "حماس"، تساندهم في ذلك ماكينة إعلامية إمبريالية كبرى، تروج لانتصارهم المؤكد مسبقا. لكن ذلك الحلم لم يدم طويلا، إذ سقط بهم على وقع الهزائم النكراء والضربات المزلزلة، التي ألحقها بهم مجاهدو فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية الأبطال، بالشراكة مع محور الإسناد والجهاد والمقاومة، من لبنان إلى العراق إلى اليمن إلى إيران، وما قدمته من جليل التضحيات.
هُزِمَ تحالف الإجرام الصهيوأمريكي أوروبي، في أشرس معارك التاريخ الإنساني، وهزمت أعتى الجيوش الصليبية، رغم إمكاناتها وأموالها وقدراتها الهائلة، في معركة غير متكافئة على الإطلاق، وخضعت أعتى القوى الاستعمارية العالمية -من خلال ربيبتها "إسرائيل"- لوقف إطلاق النار والهدنة على شروط حماس، وتمت أولى صفقات تبادل الأسرى، وتمت عملية الانسحاب المهين، ووقف إطلاق النار جزئيا، في محاولة لفرض رأي نتنياهو المهزوم المأزوم، وعلى مدى 470 يوما، قدمت غزة وأبطالها أصدق وأقوى شاهد على صوابية نهج المقاومة، وأحقية خيار الجهاد في سبيل الله تعالى، الموجب لاستحقاق النصر الإلهي الموعود، بوصفه نتيجة حتمية وسنة كونية، في مسار الصراع بين الخير والشر، ولم يكن انتصار غزة ببعيد عن طروحات سادة وقادة الفصائل والمحور، على السواء، الذين بشروا به وأكدوا حتميته المطلقة، التي تضمنتها تأكيدات سيد شهداء الإسلام والإنسانية، سماحة أمين عام حزب الله، الشهيد القائد حسن نصر الله، رضوان الله عليه، وتلتقي معها إلى حد كبير الحتميات الثلاث التي طرحها وشرحها سماحة السيد القائد العلم المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، منذ بداية العدوان الصهيوسعوأمريكي على اليمن، أي قبل أكثر من عشرة أعوام، وكان العدو حينها يراها ضربا من الخيال، وبابا من أبواب المستحيل، اعتمادا على رهانات تحالفاته، وحسابات قواته وإمكاناته، التي سقطت كلها دفعة واحدة، وظهر اليمن في عام تاسع، قوة عسكرية واستخبارية وتكنولوجية إقليمية كبرى، وبالتزامن مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" المباركة، توالت تأكيدات السيد القائد على المآلات الحتمية لهذه الحرب الكونية العدوانية على قطاع غزة، التي تضمنتها الحتميات الثلاث، في زوال هذا الكيان الغاصب وحلفائه وهزيمتهم، وغلبة المجاهدين وانتصار خيار الجهاد في سبيل الله تعالى، وسقوط وذل وخزي المرتزقة والمنافقين والمطبعين، إلى غير رجعة.
يمكن القول بأن معركة "طوفان الأقصى"، وما تلاها من الحرب العدوانية على غزة، لم تسقط وتفشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" فقط، الذي كان بصدد التنفيذ، من خلال مشاريع التطبيع والهيمنة، بل أسقطت مستقبل "إسرائيل" وأمريكا وأخواتهما، من المنطقة العربية والإسلامية بأكملها، وعززت في نفوس الشعوب حق الحرية، وإمكانية هزيمة قوى الشر والاستكبار والطاغوت، متى ما وجد الإيمان بالله تعالى، والثقة بوعوده، والالتزام باشتراطاته، فلم يعد هناك ما تخشاه الشعوب، بعدما أثبتت غزة استحقاق النصر الإلهي العظيم، بثباتها على موقفها، وصمودها في خيارها الجهادي، وأسقطت أعتى قوى الاستكبار والإجرام والهيمنة العالمية.
المصدر إبراهيم الهمداني
زيارة جميع مقالات: إبراهيم الهمداني