دماء الانتصار
- د. أحمد المؤيد الجمعة , 4 أكـتـوبـر , 2024 الساعة 6:55:32 PM
- 0 تعليقات
أحمد المؤيد / لا ميديا -
لم يبتغِ مالاً ولا جاهاً ولا قصوراً ولا رفاهيةً ولا منتجعاتٍ ولا علاقاتٍ مشبوهة... ترك حطام الدنيا وزخرفها ومغرياتها وطيباتها.
عاش مجاهداً صلباً هدفه العدل والحق. عينه على فلسطين والقدس. رفيقه السلاح، ويؤنسه صوت الكفاح.
خاض الحروب والأهوال. حرر بلاده شبراً شبراً، من بيروت إلى شبعا. عرضوا عليه المغريات والمال والصفقات. ساوموه وخوفوه وتوعدوه، واغتالوا ابنه ورفاق دربه واحداً بعد واحد، وهو ثابت كالجبل الأشم، عينه على فلسطين والقدس.
مناصرة المظلوم منهجه. لا يعتدي حتى يُعتدى عليه. حكيم صبورٌ نافذ إلى القلوب.
صنع تاريخاً بأكمله، تاريخاً تبلور فيه جيلٌ كامل، تربى على صوته وكلماته وإيماءاته. كان لهم الأب الغائب الحاضر، يعشقونه حد الجنون، يحنون إليه، يقلدون كلامه ونبرته.
انظروا إليهم في وسائل التواصل، حزينون، لكن أقوياء أثمر فيهم ما زرع وثبت في عقولهم ما صنع، لم ينهاروا، يشجعون بعضهم، يصبّرون نفوسهم، يلتقطون شعثهم وقلوبهم حرّى.
لقد أكمل الرابعة والستين، وآن له أن يرتاح، سلمكم الراية بعد أن ترك إرثاً عظيماً من الأدب والمعنويات والأخلاق والسلاح والحكمة والمنطق.
نم قرير العين.
ماذا كنتم تنتظرون؟! أن يموت على سريره كما يموت المتخمون على أرائكهم؟!
لقد نال الشهادة والسعادة، وستظل تذكره الأجيال جيلاً بعد جيل.
من يذكر الطغاة اليوم؟! لا أحد!
من يذكر الشهداء؟! العالم كله جيلاً بعد جيل.
لمثله تسقط 85 طن من القنابل في دقيقة واحدة على مكان واحد، ما كانت لتسقط لأي حاكم عربي أبداً.
لمثله تُسخّر الجواسيس وأجهزة التنصت ويُشترى العملاء.
لمثله يفرح نتنياهو وعملاؤه من صهاينة العرب ويفتخرون بإسقاطه!
إنه من قومٍ الموتُ لهم عادة وكرامتهم من الله الشهادة.
لكن هناك نقطة مهمة علمها لنا التاريخ قديماً وحديثاً، وهي أن الانتصارات الكبيرة لا تأتي إلَّا بعد التضحيات العظيمة.
الأمثلة في لبنان نفسه موجودة، وفي اليمن وفي أماكن كثيرة كانت دماء الشهداء هي وقود الانتصار.
المصدر د. أحمد المؤيد
زيارة جميع مقالات: د. أحمد المؤيد