محور المقاومة وحلم توحيد الأمة
 

د. أحمد المؤيد

د. أحمد المؤيد / لا ميديا -

فتحنا أعيننا ونحن أطفال على حرب العراق وإيران، وكنا نسمع من آبائنا أن دولتين مسلمتين تتقاتلان، وكنا نسمع أحلامهم بأن تتوقف الحرب و"يلتم شمل الأمة"، ثم توقفت وابتهج الناس والعالم وبدأ الحلم من جديد بـ"لم الشمل".
وما هي إلا سنتان حتى قفز العراق على الكويت فدمر وأحرق وعاث فساداً، وبدلاً من "لم شمل الأمة" وحل الأزمة عربيا، سلم العرب أخاهم المخطئ للأجنبي فوضعه على الصحن وأشهر شوكته وسكينه ومزقه أيما تمزيق، وكان الأعراب يومها يشجعون ملتحيهم الوهابيين ليخرجوا فتاوى زندقة وتكفير تناسب الحالة حتى يخف السخط الشعبي، وتبدد أمامنا حلم "لم شمل الأمة".. وحوصر العراق وكنا نتألم، لماذا يسكت العرب على حصار أخيهم؟ أين العروبة؟ أين الدين؟ وللأسف ما من مجيب.
ثم قررت أمريكا تدمير العراق وإكمال تمزيقه عام 2003، ففتح الأعراب لها أراضيهم وقواعدهم ومولوا العمليات وسخروا القنوات لذبح أخيهم والقضاء التام عليه.. والشعوب العربية تتابع، وحلم "لم شمل الأمة" يبتعد، وتم تمزيق العراق ونشر الطائفية فيه، ولم يبدر من الأعراب أية بادرة خير تجاه ذلك البلد، بل سُلم كاملا للأمريكان ليضعوا فيه بذرة التدمير وهي "الدستور" العنصري الطائفي الذي يضمن تمزيق العراق وإضعافه إلى يوم القيامة فلا تقوم له قائمة.
وانسحب الأمريكان من العراق تحت ضربات المقاومة العراقية، وبدأ حلم "لم شمل الأمة" يطل برأسه من جديد، وما هي إلا أشهر على الانسحاب الأمريكي، حتى اندلعت ثورات "الربيع العربي"، فركب الأمريكان وعملاؤهم تلك الثورات، وكان أهم تلك الدول هي سوريا الداعم الأكبر للمقاومة اللبنانية والفلسطينية، فنشروا في سوريا جيوشاً تكفيرية من 88 دولة يتمتعون بدعم أعرابي ـ إسرائيلي ـ أمريكي، وهنا انهار حلم "لم شمل الأمة"، ووقف الأعراب كالعادة مع الأمريكان ضد سوريا كما فعلوها في العراق.. وتبخر حلم "لم شمل الأمة" مجددا.
ثم أُعلن قرار العدوان على اليمن من واشنطن، عبر وكلائها الأعراب، فكانوا للأمريكان بالضبط كما كانوا لها في سوريا والعراق.. فقصفوا اليمن وحاصروه وجوعوه، وبغطاء سياسي أمريكي وبريطاني، كي لا يقف بوجههم أحد وهم يمارسون جريمتهم.. وأخيرا وليضرب حلم "لم شمل الأمة" في مقتل مجددا رقصوا طربا وفرحا أن أمريكا صنفت جزءا من الشعب اليمني منظمة إرهابية.. في الوقت الذي استنكر فيه ذلك الجزء من الشعب اليمني تصنيف خصومه السياسيين منظمات إرهابية من قبل الأعراب أو من قبل أمريكا.
ولكن هل انتهى الأمر؟ لا، فحلم "لم شمل الأمة" يشرق من مكان آخر وعلى أسس أخرى ودون بيع أخ لأخيه، ودون غدر أخ بأخيه كما فعل الأعراب بإخوتهم على مدى 40 عاما.. الحلم الجديد بدأ يشع عبر "محور المقاومة" الذي يدعم بعضه بعضا دون النظر لاختلافهم المذهبي أو العرقي، لأن تحالفهم كان على هدف سامٍ، وهو كرامة الأمة وقضيتها المركزية ورفض التنمر الأمريكي الصهيوني على المنطقة.
بفضل هذا المحور، بدأ الحلم يعود من جديد.. يعود بقوة وبثبات.. بعد أن أخذ درساً مهماً، وهو عدم الركون للأيادي الخائنة الضعيفة.. فالحق له رجاله.. والباطل له عملاؤه.. والتحية للشرفاء.

أترك تعليقاً

التعليقات