قواعد الاشتباك
 

د. أحمد المؤيد

أحمد المؤيد / لا ميديا -
يلاحظ الجميع هدوءً مريباً بين صنعاء من جهة والتحالف الأمريكي السعودي من جهة أخرى. والكل يتساءل، والبعض أضاع البوصلة... والحقيقة أنني لا أجد وصفاً للوضع أبلغ من قول البحتري:
كلانا بها ذِئْبٌ يُحَدّثُ نَفْسَهُ
بصَاحبهِ، والجَدُّ يُتْعِسُهُ الجَدّ
الكل يتموضع وفق قواعد الاشتباك التي تلائمه، ويعتقد أنها مفيدة له وتحقق أهدافه.
السعودي في الأصل لو كان يستطيع قطع الهواء عن صنعاء لفعل، فهو لم يترك شيئاً صنعه البشر في عدوانه على اليمن إلا واستخدمه، وأخيراً لو كان يستطيع كسر صنعاء لما أرسل سفيره مطأطئاً رأسه يفيض بالوعود البراقة، مركزاً على تهدئة النفوس قبل القمة العربية لتنعقد دون منغصات، ليعود بعدها للعب على عامل الوقت، والذي يستغله كما يلي:
- التكثيف الإعلامي لنشر الفتن وكل ما يهيج المجتمع رغبة منه في إحداث اختراق مجتمعي يستهدف به صمود الشعب اليمني ليربك القيادة من الداخل.
- تحريك الدمى التابعة له في الجنوب بنغمات انفصالية مختلفة المصادر، علّه يربك صنعاء ويشعرها بأن هناك واقعاً جديداً فتخفف من مطالبها.
- ارتخاء العضلات العسكرية لصنعاء وأنها ستستصعب العودة للفعل العسكري مجدداً.
أما صنعاء فهي أيضاً تتعامل وفق قواعد الاشتباك الخاصة بها؛ فهي لا تكاد تضيع وقتاً في تطوير ترسانتها من الصواريخ والمسيرات والرادارات ومنظومات الدفاع الجوي، وهناك من يعتقد أن استنساخ إحدى المنظومات الجوية الإيرانية المشهورة قد تم بالفعل، وقد استفادت صنعاء في ذلك من عامل الوقت الذي استغلته أفضل استغلال.
ولذلك كل يوم يمر تضيق المساحات أمام الجميع؛ السعودي والوسيط العُماني، وصنعاء كذلك، بفعل الضغط الشعبي.
وهنا قد أعتقد أن صنعاء تعتقد أن مهلة الوساطة العُمانية هي في لحظاتها الأخيرة، وأن الستار سيسدل عليها مع انتهاء موسم الحج القادم، وحينها سيعود الجميع إلى بيت الشعر الذي قاله البحتري.
وفق قواعد الاشتباك أيضاً، فبعد قطع السعودية مخصصات أجيرها علي البخيتي، والذي بدوره غادر لندن ليستقر في مدينة كارديف، ربما لتقليص النفقات، فقد بدأ بالضرب تحت الحزام والرد بنفس أسلوب المعارضة السعودية، وهو الجانب الحقوقي الذي تناول فيه موضوعاً كان يستطيع أن يتناوله منذ 13 شهراً، لكن عرق حقوق الإنسان لديه لم ينتفخ إلا مؤخراً.
وهنا انبرى له الكتاب السعوديون ليكيلوا له سباً وشتماً ويؤكدون له أن أجهزتهم الأمنية متصالحة مع القيادة والأمور ليست أن كل واحد يقدح من رأسه، بينما يصر هو في تناقض عجيب أن يبرئ القيادة السعودية من الجريمة، رغم اعترافه بأن الحادثة متكررة دائماً وبشكل وصفه بـ"اللاأخلاقي" وعبر اللجنة الخاصة!
بينما لو تعثرت قطة في صنعاء لوصف قيادة صنعاء بأنها هي من خططت لذلك، وأن ذلك ربما مخطط له منذ 1200 سنة.
لم يشفع له مناداته من يختطف بنات اليمن بعد أن دمر اليمن ودكه بطائراته ثماني سنوات بـ"الملك" و"سمو الأمير"، فقد سكب عليه السعوديون وبطريقتهم المعتادة في التهكم كل ما في قاموس الشتم من شتائم، ولسان حالهم مع البخيتي يناسبه بيت الشعر القائل:
أدهى المصائبِ غدرٌ قبلهُ ثقةٌ
وأقبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ

أترك تعليقاً

التعليقات