معادلة (الدولة والجيش والشعب)
 

د. أحمد المؤيد

منذ مطلع الخريف العربي بدايات العام 2011، بدأ يتبلور شكل جديد لهذه المعادلة, خلافاً لما كانت عليه هذه المعادلة قبل ذلك التاريخ..
فقد كانت هذه المعادلة وباللغة الرياضية معادلة صفرية.. أي تساوي الصفر.. وذلك بسبب انعكاس القيمة بين مكوناتها، لينعكس ذلك على الناتج، فيصبح مساوياً للصفر إن لم يكن بالسالب في بعض الدول..
ثم تسارعت الأحداث, لتفرز معنى جديداً لتلك المعادلة، ما جعل حدودها تبرز ومعانيها تتجلى, ونتائجها تتألق بقيمة موجبة وبازدياد مضطرد.
كانت الدولة قبل 2011 بعيدة كل البعد عن المواطن, وكذلك كان الجيش, الذي تحول أحياناً الى أداة قمع بيد الدولة ضد الشعب, وزاد الاحتقان وتفاقم الحنق حتى خرجت الشعوب في ثورات بريئة في مقاصدها, حتى تقطع لها محترفو التسلق وركوب الموجات, منحرفو الأهداف والقيم, ليحولوها أداة بيد أعداء تلك الدول، وليدخلوها في دوامة صراع يقضي على مكتسبات شعوبها على المستوى الفكري والصناعي والإنتاجي والمجتمعي..
وبدأ تفتيت المنطقة.. فانزلقت ليبيا الى ذلك المستنقع، ولا زالت تتخبط في الفوضى.. 
وانزلق العراق وسوريا واليمن.. ولكن الثلاث الأخيرة كان لها حالة خاصة.. فرغم شراسة الهجمات التي تتعرض لها وتكالب أعدائها بشكل منقطع النظير لتدمير تلك الدول, إلا أن بروز معادلة (الدولة الجيش والشعب) شكل ولادة ثقافة جديدة لم تعهدها المنطقة, بتلك الثقافة اقتربت المسافات بين المكونات الثلاث، وذابت في بعضها، ما أنتج قوة رهيبة سحقت الإرهاب الذي كان يشكل أكبر خطر يتهدد المنطقة عموماً وتلك الدول الثلاث خصوصاً.. 
ففي العراق اقتربت الدولة من الجيش بعد سقوط ثلث مساحة البلد في براثن الإرهاب, وباتت جزءاً منه, ثم رفدهم الشعب بقوته فكان الحشد الشعبي الذي يتكون من الشعب من كل فئاته، فتجد فيه الشيعي والسني والمسيحي والأيزيدي.. الخ. وخلال زمن قدره الأمريكي بـ10 سنين للقضاء على الإرهاب, قلصت معادلة (الدولة والجيش والشعب) تلك الفترة إلى 10 أشهر، فشهد العراق قضاءً مبرماً على الإرهاب في أهم معاقله في الموصل وتلعفر والحويجة والحدود العراقية السورية.. 
أما في سوريا فكان السرطان الإرهابي قد وصل الى كل مدينة وقرية سورية, ولكن بعد تفعيل المعادلة المذكورة، استطاع الجيش السوري وحلفاؤه وأصدقاؤه القضاء على 240 ألف إرهابي يحملون 102 جنسية، كما ذكر أحد تقارير الأمم المتحدة عام 2013، ليكون أكبر هجوم إرهابي في العالم.. ولم تكن الطائرات الروسية الحديثة لتفعل شيئاً ولا الجيوش النظامية لتفعل شيئاً لو لم يكن هناك إسناد من الشعب, الذي تمثل في القوات الشعبية الاحتياطية وقوات المقاومة من حزب الله وبعض القوى الرديفة.. وكانت النتائج القضاء المبرم على الإرهاب في كل المدن السورية تقريباً باستثناء إدلب والرقة، والعمل جارٍ عليهما, ولكن كان تحرير حلب وفك حصار دير الزور العسكري وتحرير الحدود السورية العراقية وريف دمشق وباقي المدن، هو أهم محطات القضاء على الإرهاب.. 
وكذلك في لبنان, حيث تم تطهير البلد بشكل كامل من الإرهاب، والقضاء عليه في آخر معاقله في جرود عرسال وقليطة والقلمون الغربي.. ليعود لبنان إلى أهله بفعل تلك المعادلة التي عندما تأخر تفعيلها ظل الإرهاب يقضم الأراضي اللبنانية منذ العام 2012 في تلك المناطق، ويتوسع.. ولكن عندما تم تفعيل معادلة (الدولة والجيش والشعب)، كانت النتائج مذهلة..
أما اليمن.. فقبل 2011 كان هناك دولة وجيش وشعب.. وللأسف كان الوضع غريباً، فمثلاً كانت مسألة القضاء على القطاعات القبلية التي تقطع الطرق وتسلب الناس والمسافرين، والتي تنتشر خارج العاصمة صنعاء بمسافات ليست ببعيدة, كان القضاء عليها ضرباً من الخيال، وأمراً يصعب تحقيقه..
ولكن بعد ذلك التاريخ، وتحديداً مع انطلاق ثورة 21 أيلول، عندما اقترب (صانع القرار) وهو هنا يمثل الدولة, من الجيش والشعب, والتحم الجميع ببعضهم، تجلت أسطورة نضال ضد الإرهاب، تجلت في طرده من محافظات يمنية كثيرة، وفي مدة وجيزة.. كما تبلورت أسطورة صمود غير مسبوق في تاريخ المنطقة بسبب أن اليمن وإضافة للعدوان المتعدد الأقطاب، يعاني من حصار مطبق، فضلاً عن تميزه عن العراق وسوريا بأن لا أحد يمده بالسلاح من المحيط المجاور له.. بل زاد الأمر إلى أن أصبح اليمن يصنع سلاحه العسكري ويطور بعضه الآخر بنفسه.. وليقفز الى قدرات عسكرية لم يكن يمتلكها في السابق..
وهنا، وبعد سرد هذه الأمثلة، يتضح لنا أهمية هذه المعادلة الذهبية التي تربط مكونات البلد في خيط واحد, وتقربهم من بعضهم، فيكون تأثيرهم فاعلاً في حماية البلد وتخليصه من براثن العدوان والتربصات الخارجية.. 
أخيراً، واجب كل مواطن مخلص أن يكون جزءاً من هذه المعادلة، وأن يقويها، فهي صمام أمان البلد ضد الخطوب والملمات.. وتحياتي للشرفاء..

أترك تعليقاً

التعليقات